السَّماء، كذلك أنزلنا عليك القرآن مُحكمًا مُعْربًا، شرّفناك به وفَضَّلْنَاك على من سِواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجَليّ الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت: ٤٢]).
وقيل: نظم الآية - (وكما أنزلنا الكتب على الرسل بلغاتهم كذلك أنزلنا إليك القرآن حكمًا عربيًا، أي بلسان العرب، ويريد بالحكم ما فيه من الأحكام) - حكاه القرطبي.
قلت: والبيان القرآني يحتمل كل ما سبق من التأويل، فالقرآن كلام عربي مبين يفصل بين الحق والباطل، ويحكم على كل شيء، وفيه حكمة بالغة لكل شيء، أنزله الله بلسان عربي فصيح، لغة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قال القاسمي:(أي: لئن تابعتهم على دين، ما هو إلا أهواء بعد ثبوت العلم عندك بالبراهين والحجج، فلا ينصرك ناصر، ولا يقيك واق. وهذا من باب الإلهاب والتهييج والبعث للسامعين على الثبات في الدين والتصلب، وأن لا يزلّ زالّ عند الشبهة بعد استمساكه بالحجة، وإلا فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شدة الشكيمة بمكان).
في هذه الآيات: ردُّ الله على المشركين رفضهم النبوة إلا من مَلَك، بإثبات بشرية الرسول شأن الرسل قبله: يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويأتون الزوجات ويولد لهم، وما يقدر رسول أن يأتي بآية أو معجزة إلا بأمر الله، ولكل أجلٍ أمرٍ قضاه الله كتابٌ قد كتبه تعالى فهو عنده. وهو تعالى ينسخ الشرائع ويثبت ما يشاء منها وعنده أم الكتاب.
إن الذي عليك - يا محمد - هو تبليغ الرسالة سواء أراك ربك مصارع المعاندين أو توفاك قبل ذلك، فإلى الله الإياب وعليه الحساب.