في هذه الآيات: تَهْديِدٌ للمشركين وتَوَعُّدٌ لهم! أولم يروا كيف نفتح لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فتحًا بعد فتح حتى أوشك الفتح أن يطال أرضهم؟ والحكم لله وهو سريع الحساب. وقد مكر الطغاة في الأمم قبلهم فأحاط بهم مكر الله وطوّقهم وسيعلم الكفار لمن تكون العاقبة الحميدة. وما يزال هؤلاء الكفرة يكذبون نبوتك - يا محمد - فقل حسبي الله يشهد بما أرسلني به، وكذلك يشهد علماء أهل الكتاب بما يجدونه في كتبهم من صدق رسالتي ونبوتي ونعتي.
فقوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} - فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: أولم ير مشركو مكة كيف نفتح لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أرضًا بعد أرض حتى أوشك أن يفتح أرضهم وهم لا يزالون متنطعين يسألون الآيات.
قال ابن عباس:({أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، قال: أولم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض). قال:(يعني بذلك ما فتح الله على محمد. يقول: فذلك نُقْصَانها).
وقال الحسن:(هو ظهور المسلمين على المشركين). وقال الضحاك: (يعني أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنْتقَصُ له ما حوله من الأرَضِين، ينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون، قال الله في "سورة الأنبياء": {نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الأنبياء: ٤٤]، بل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هم الغالبون).
التأويل الثاني: أولم يروا أنا نأتي الأرض فنخرِّبها، فأوشكوا أن نخرب أرضهم ونهلكهم؟ قال ابن عباس:(أولم يروا إلى القرية تخربُ حتى يكون العُمْران في ناحية؟ ).
وقال مجاهد:({أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، قال: خرابُها). وقال ابن جريج:(خرابُها وهلاك الناس). وقال عكرمة:(تُخرب من أطرافها).