التأويل الثالث: ننقص من بركتها وثمرتها وأهلها بالموت.
قال الشعبي:(لو كانت الأرض تُنْقَص لضاق عليك حُشُّك، ولكن تُنْقَصُ الأنفس والثمرات). وقال مجاهد:({نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، قال: في الأنفس، وفي الثمرات، وفي خراب الأرض). وعن ابن عباس:(يقول: نقصان أهلها وبركتها). وقال عكرمة:(هو قَبْضُ الناس). وقال:(هو الموت. ثم قال: لو كانت الأرض تنقص لم نجد مكانًا نجلسُ فيه).
التأويل الرابع: ننقصها بذهاب فقهائها وخِيارها.
قال عطاء، عن ابن عباس:(ذهابُ علمائها وفقهائها وخِيار أهلِها).
وقال مجاهد فيها:(موتُ العلماء).
قلت: والتأويل الأول أقواها وأنسبها للسياق، فالآيات قبلها في تهديد المشركين وتوعدهم، واختاره ابن جرير، وابن كثير وقال:(والقول الأول أولى، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية. كقوله:{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى}[الأحقاف: ٢٧] الآية). واختاره النسفي وقال:({نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} بما نفتح على المسلمين من بلادهم فننقص دار الحرب ونزيد في دار الإسلام وذلك من آيات النصرة والغلبة، والمعنى عليك البلاغ الذي حملته ولا تهتم بما وراء ذلك، فنحن نكفيكه ونتم ما وعدناك من النصرة والظفر).
قال القرطبي:(أي ليس يتعقب حكمه أحد بنقص ولا تغيير. {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} أي الانتقام من الكافرين، سريع الثواب للمؤمن. وقيل: لا يحتاج في حسابه إلى رَوِيّة قلب، ولا عقد بَنان).
تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ لمشركي مكة في مكرهم وغيّهم وعنادهم، شأن من سبقهم من أقوام الرسل وتمادوا في الغيّ والكبر والمكر، فحاق المكر بأهله ونصر الله تعالى الرسل ونجّاهم من ذلك المكر وجعل العاقبة للمتقين.