للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن نفسي إنما هي واحدة، تلقى في هذا القدر الساعةَ في الله، فأحببتُ أن يكونَ لي بعَددِ كُلِّ شعرة في جسدي نفسٌ تُعذَّبُ هذا العذاب في الله).

وقد ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير، ثم قال: (وفي بعض الروايات: أنه سجنه وَمنعَ عنه الطعام والشراب أيامًا، ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير، فلم يَقْرَبه، ثم استدعاه فقال: ما منعك أن تأكُلَ؟ قال: أما إنه قد حَلّ لي، ولكن لم أكن لأشمِّتك فيّ. فقال له الملك: فَقَبِّل رأسي وأنا أطْلِقُكَ. فقال: وتطلق معي جميع أسارى المسلمين؟ قال: نعم، فَقَبَّلَ رأسه، فاطلقه وأطلق معه جميع أسارى المسلمين عنده، فلما رجع قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: حقٌّ على كل مسلم أن يُقَبِّلَ رأس عبد الله بن حُذافة، وأنا أبدأ. فقام فَقَبَّلَ رأسه، رضي الله عنهما).

وأما الرِّدة عن الإسلام بعد الدخول فيه فيدخل في وعيد الآية، وهو العذاب العظيم في الآخرة، نتيجة لغضب الله وسخطه، إضافة إلى خزي عذاب الدنيا. وفي ذلك أحاديث.

الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن عكرمة: [أن عَلِيًّا رضي الله عنه حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابن عَباس فقال: لوْ كنْتُ أنا لم أُحَرِّقْهُمْ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تُعَذِّبُوا بعذاب الله. وَلَقَتَلْتُهُمْ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من بَدَّلَ دينه فاقتلوه"] (١).

الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي بُردَة عن أبي موسى - حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ثم أتْبَعَهُ معاذَ بن جبل -: [فلما قدِمَ عليه ألقى له وسَادَةً قال: انْزِلْ، فإذا رجلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلمَ ثم تَهَوَّد، قال: اجْلِسْ، قال: لا أجلِسُ حتى يُقْتَلَ، قَضاءُ الله ورسوله، ثلاثَ مرات، فأمَرَ به فَقُتِلَ. .] الحديث (٢).

ورواه أحمد عن أبي بُرْدة بلفظ: [قدِمَ على أبي موسى معاذُ بن جبل باليمن، فإذا رجُلٌ عِنده، قال: ما هذا؟ قال: رجُلٌ كان يهوديًا فأسلم ثم تهوَّد، ونحن نريده على الإسلام مُنْذُ - قال: أحسبه - شهرين، فقال: والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه. فَضُرِبَت


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٠١٧) - كتاب الجهاد والسير. باب: لا يُعَذَّبُ بعذاب الله.
وأخرجه البخاري أيضًا (٦٩٢٢)، وأبو داود (٤٣٥١)، والترمذي (١٤٥٨)، وأحمد (١/ ٢١٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٩٢٣) - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم. باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>