أشد أيام الفرح بهجة في الدنيا، ليضيفها إلى فرحة التخلص من مكر اليهود في الأرض وجنسهم، ليفرح بها عيسى بن مريم ومن سيكون معه في الطور من المؤمنين.
إن يأجوج ومأجوج قوم أحياء يحفرون في كل يوم في محاولة منهم للخروج من ذلك السجن الذي كتبه الله عليهم قسطًا وعدلًا، إلا أنهم يمكرون ويمكر الله بهم وهو خير الماكرين، إلى أن يأذن الله بخروجهم.
وفي التنزيل:{وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}. قال ابن عباس:(أي يسرعون في المشي إلى الفساد). والحدب المرتفع من الأرض.
وأخرج الإمام أحمد في المسند، بسند صحيح، عن أبي هريرة مرفوعًا:[إن يأجوج ومأجوج يحفرون كُلَّ يوم، حتى إذا كادوا يَرَوْن شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فسنحفره غدًا، فيعيده الله أشَدَّ ما كان، حتى إذا بلغت مُدَّتُهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فسنحفره غدًا إن شاء الله تعالى، واستثنوا، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس، فينشفون الماء ويتحصَّنُ الناس منهم في حصونهم. فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع عليها الدمُ الذي احفَظَّ، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء، فيبعث الله نغفًا في أقفائهم فيقتلون بها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده، إن دواب الأرض لتَسْمَنُ وتَشْكَرُ شَكَرًا من لحومهم](١).
وقد فُصِّلَ ذلك الحدث تفصيلًا رائعًا في حديث الإمام مسلم عن النواس بن سمعان، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: - بعد أن يقتل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام المسيح الدجال -: [ثم يأتي عيسى إلى قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتالهم فَحَرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}. . فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم ويقول: لقد كان بهذه مرة ماء. ثم يسيرون إلى جبل
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٥١٠ - ٥١١)، والترمذي في الجامع (٣١٥٣)، وابن ماجه (٤١٩٩) في السنن، والحاكم (٤/ ٤٨٨)، ورجاله ثقات. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٧٣٥)، وصحيح الجامع (٢٢٧٢).