الخَمَر (وهو جبل بيت المقدس) فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هَلُمَّ فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دمًا، ويُحْصَرُ نبيُّ الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مئة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبيُّ الله عيسى وأصحابه، فيرسِلُ الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زَهَمُهم ونتنُهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرًا كأعناق البُخْت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله] (١).
وفي رواية:[تطرحهم بالنهبل - اسم موضع -، ويستوقد المسلمون من قُسِيِّهم ونُشَّابِهم وجعابهم سبع سنين، ثم يرسل الله مطرًا لا يَكُنُّ منه - أي لا يمنع من نزوله - بيتُ مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركَها كالزَّلفة - أي كالمرآة - ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك ورُدّي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرّمانة، ويستظلون بِقِحْفِها ويبارك في الرِسْلِ، حتى إنَّ اللِّقْحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللِّقْحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفَخْذَ من الناس، فبيناهم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبِضُ روحَ كُلِّ مؤمن وكُلِّ مسلم، ويبقى شرارُ الناس يتهارجون فيها تهارجَ الحُمُر فعليهم تقوم الساعة].
وأما قوله:"ثم يأتي عيسى إلى قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم". قال النووي في شرح صحيح مسلم:(قال القاضي: يحتمل أن هذا المسح حقيقة على ظاهره فيمسح على وجوههم تبركًا وبرًا، ويحتمل أنه إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف).
وقوله:"لا يدان لأحد بقتالهم" - أي لا طاقة لأحد على حربهم. قال النووي:(يقال ما لي بهذا الأمر يد، وما لي به يدان، لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد).
وقوله:"فحرّز عبادي إلى الطور". أي: اجعل الطور لهم حرزًا بأن ينضموا إليه من هؤلاء القوم الذين هم من كل حدب ينسلون، أي من كل نشز يمشون مسرعين. والخَمَر: الشجر الملتف، والمراد بالحديث جبل بيت المقدس. وأما النَغَفَ فهو دود
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٩٧ - ١٩٨) من حديث النواس بن سمعان. وانظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم - (٢٠٤٨)، كتاب الفتن.