للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدته نغفة، وقوله "فرسى": أي قتلى، واللّقحة: بكسر اللام وفتحها لغتان معروفتان، والكسر أشهرها، وهي القريبة العهد بالولادة، واللقوح ذات اللبن. وأما الفئام فهم الجماعة من الناس، وكذا الفخذ في اللغة الجماعة من الأقارب. قال النووي: (وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة).

وفي سنن ابن ماجه بسند صحيح عن النواس بن سمعان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [سيوقِدُ المسلمون من قِسِيِّ يأجوج ومأجوج ونُشَّابهم وأتْرِسَتِهم سبعَ سنين] (١).

لقد حذّرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه الفتنة - فتنة يأجوج ومأجوج - تحذيرًا كثيرًا، وخاف منها على أمته خوفًا كبيرًا، واستيقظ يومًا فزعًا لذلك كأنه يرى أمامه شرًا مستطيرًا.

فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن زينب بنتِ جحش رضي الله عنها أنها قالت: [استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - من النوم مُحْمَرًا وَجْهُهُ يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوجَ مثل هذه، وعقد سفيان تسعين أو مئة. قيل: أنهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كَثُرَ الخَبَثُ] (٢).

وقوله تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}.

قال ابن جرير: (قال: هذا الذي بنيته وسوّيته حاجزًا بين هذه الأمة ومن دون الردم رحمة من ربي رحم بها من دون الردم من الناس، فأعانني برحمته لهم حتى بنيته وسوّيته ليكفّ بذلك غائلة هذه الأمة عنهم. . . فإذا جاء وعد ربي الذي جعله ميقاتًا لظهور هذه الأمة وخروجها من وراء الردم لهم، جعله دكاء، يقول: سوّاه بالأرض).

قال قتادة: ({جَعَلَهُ دَكَّاءَ}: لا أدري الجبلين يعني به، أو ما بينهما). وكان وعد الله، في دكّ هذا الردم وخروج هؤلاء القوم فتنة للناس عند استهتارهم بدينهم، وعدًا حقًا والله لا يخلف الميعاد.

وقوله تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} - فيه تأويلان:

١ - أن يعود الضمير على يأجوج ومأجوج. والمعنى كما ذكر السدي، قال: (ذاك حين يخرجون على الناس). قال ابن كثير: (أي: يوم يُدَكُّ هذا السَّدُ ويخرجُ هؤلاء


(١) حديث صحيح. انظر صحيح سنن ابن ماجه (٣٢٩٥)، وكتابي: أصل الدين والإيمان - عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان (١٠٥٦ - ١٠٦٢) - لتفصيل البحث.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٣/ ٩ - ١٠)، وأخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٦٥ - ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>