في هذه الآيات: خشيةُ موسى بطش فرعون به وبأخيه، وطمأنَةُ الله له بأنهما تحت رعايته وحمايته - جلّت عظمته -، وأمْرُه تعالى لهما بلقاء فرعون وإخباره أنهما رسولا الله تعالى إليه ليطلق بنى إسرائيل من الاستعباد، وقد أتيناك بحجة على صدق دعوانا، والسلام من عذاب الله على من أسلم واتبع الهدى. فإن العذاب - كما أوحي إلينا من ربنا - على من كذّب بكتاب الله وتولى عن طاعته.
قال ابن زيد:({إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} قال: نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أوأمرك، يفرط ويعجل). وعن مجاهد:({أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} قال: عقوبة منه). وعن ابن عباس:({أَوْ أَنْ يَطْغَى}: يعتدي).
والمقصود: خشية موسى وهارون عليهما السلام من اعتداء فرعون عليهما عند سماعه كلام الحق، فيحمله ذلك على الشطط في الطغيان والعقوبة والبغي. فهما يستجيران بالله من حدوث ذلك.
طمأنة من الله سبحانه لرسوليه موسى وهارون عليهما السلام من أن ينالهما أذى من فرعون، فهو تعالى معهما بسمعه وبصره، والمراد بحفظه ونصره وتأييده.
قال ابن عباس:(أسمع دعاءكما فأجيبه، وأرى ما يراد بكما فأمنع، لست بغافل عنكما فلا تهتما).
قلت: وجميع آيات المعية مُفَسَّرة بما قبلها أو بعدها، وهذه الآية العظيمة واحدة من تلك الآيات، فالله سبحانه معنا بصفاته لا بذاته، فذاته الكريمة فوق العرش وهو يدبر الأمر في هذا الكون، كما قال سبحانه:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: ٥].