في هذه الآيات: محاولةُ فرعون أثناء لقائه موسى وهارون إنكار وجود الصانع الخالق، وتأكيد موسى على ربوبية الله عز وجل الذي خلق كل شيء فَقَدَّرَهُ تقديرًا، فهو تعالى الذي مهّد الأرض وجعل فيها السبل وأنزل الماء وأخرج النبات متاعًا للإنسان والأنعام ثم المرجع إليه تعالى، فإليه يصرف التعظيم وجميع أعمال العبادة، فما كان من فرعون إلا أن استكبر وكذب وأبى.
فقوله تعالى:{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى}. في الكلام محذوف تقديره: فَأَتَيَاه فَأَبْلَغَاه رسالةَ ربهما عز وجل فقال: من ربكما يا موسى. قال النسفي:(خاطبهما ثم نادى أحدهما لأن موسى هو الأصل في النبوة وهارون تابعه). وقد أراد فرعون بذلك إنكار وجود الصانع الخالق، رب كل شيء وإلهه ومليكه.
هو جواب موسى البليغ المفحم. قال ابن عباس:(يقول: خلق لكل شيء زوجة، ثم هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه ومولده). وقال مجاهد:(أعطى كل شيء صورته ثم هدى كل شيء إلى معيشته). وقال أيضًا:(سوَّى خلق كلّ دابة ثم هداها لما يُصلحها وعلَّمها إياه، ولم يجعل الناس في خلق البهائم، ولا خلق البهائم في خلق الناس، ولكن خلق كل شيء فقدره تقديرًا). وقال حميد عن مجاهد:(هداه إلى حيلته ومعيشته).