علمهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله، وهو اللوح المحفوط وكتابُ الأعمال، {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}، أي: لا يَشِذُّ عنه شيء، ولا يفوته صغيرٌ ولاكبيرٌ، ولا ينسى شيئًا. يَصِفُ علمه تعالى بأنه بكل شيء محيطٌ، وأنه لا ينسى شيئًا، تبارك وتعالى وتقدّس، فإن علمَ المخلوق يعتريه نُقصانان، أحدُهما: عدمُ الإحاطة بالشيء، والآخر نسيانُه بعد عِلمه، فنزّه نفسه عن ذلك).
متابعة من موسى عليه الصلاة والسلام في ذكر بعض صفات الرب سبحانه: إنه - تعالى - الذي جعل لكم الأرض قرارًا تستقرون عليها وتمشون في حوائجكم وتسافرون على ظهرها، وجعل لكم فيها طرقًا ومسالك (١) تسلكون فيها لأعمالكم وأسفاركم، وأنزل من السماء ماء فأخرج لكم به من ألوان النباتات والثمار المختلفة الأكل والطعوم والأنواع. كلوا منها وأطعموا بهائمكم، وفي ذلك آيات كبيرة لأصحاب العقول وأولي الألباب.
قال القرطبي:({كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} أمر إباحة. {وَارْعَوْا} من رعت الماشية الكلأ، ورعاها صاحبها رعاية، أي أسامها وسرحها، لازم ومتعد، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} أي العقول. الواحدة نُهْيَة. قال لهم ذلك، لأنهم الذين يُنْتهى إلى رأيهم. وقيل: لأنهم ينهون النفس عن القبائح. وهذا كله من موسى احتجاج على فرعون في إثبات الصانع جوابًا لقوله:{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى}. وبيّن أنه إما يستدل على الصانع اليوم بأفعاله).
أي: من الأرض خلقنا أباكم آدم عليه السلام ثم كنتم من بعد ذلك الأصل، ثم نعيدكم بعد مماتكم إلى الأرض، ثم تخرجون منها للبعث والحساب.
قال ابن زيد:({تَارَةً أُخْرَى} قال: مرة أخرى الخلق الآخر).
أخرج الإمام أحمد والحاكم بسند صحيح من حديث البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنّ العبد المؤمن إذا خرجت روحه صعدت به الملائكة فلا يمرّون بها على ملأ من الملائكة