أي: فلنعارضَنَّكَ بسحر مثل سحرك، فاختر لذلك مكانَ موعدٍ على النَّصَفِ بيننا وبينك. قال مجاهد:({مَكَانًا سُوًى}: منصفًا بينهم). وقال قتادة:(نصفًا بيننا وبينك، أي عادلًا بيننا وبينك).
قلت: وأصل قوله {سُوًى} من الاستواء، كما قال ابن زيد:({مَكَانًا سُوًى}: مكانًا مستويًا يتبين للناس ما فيه، لا يكونُ صُوَبٌ ولا شيءٌ فيغيب بعضُ ذلك عن بعض، مُسْتَوٍ حينَ يُرَى).
أي: في يوم عيدهم ذلك. قال ابن عباس:(فإنه يوم زينة يجتمع الناس إليه ويحشر الناس له).
وعن ابن جريج قال:(يوم زينة لهم، ويوم عيد لهم {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} إلى عيد لهم).
وقال السدي:({يَوْمُ الزِّينَةِ} وذلك يوم عيد لهم). وقال ابن زيد:(يوم العيد، يوم يتفرَّغُ الناس من الأعمال، ويشهدون ويحضُرون ويرون). قال ابن كثير:({ضُحًى} أي: ضَحْوَة من النهار ليكونَ أظهرَ وأجلَى وأَبْيَنَ وأوضحَ. وهكذا شأنُ الأنبياء، كُلُّ أمرهم واضحٌ بيِّنٌ، ليس فيه خَفاءٌ ولا ترويج. ولهذا لم يقل: ليلًا، ولكن نهارًا ضُحىً).
وقوله تعالى:{فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى} - فيه إشارة إلى انتفاض فرعون لمواجهة ما أشغله وأهمه، فشرع يجمع الكيد والسحر والسحرة الماهرين من جميع مدائن مملكته، ثم حضر بقوة سلطانه وأبّهته وكيده وسحرته.
وقوله تعالى:{قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}. أي: بادأهم موسى عليه الصلاة والسلام حين اجتمعوا بالتحذير من بطش الله إن عاندوا حججه وآياته سبحانه بالكذب والافتراء - يقول ذلك للسحرة.