للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النسفي: (فيه دليل على أنه خاف منه خوفًا شديدًا، وقوله: {بِسِحْرِكَ} تعلل، وإلا فأي ساحر يقدر أن يخرج ملكًا من أرضه؟ ! ).

وقوله تعالى: {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى}.

أي: فلنعارضَنَّكَ بسحر مثل سحرك، فاختر لذلك مكانَ موعدٍ على النَّصَفِ بيننا وبينك. قال مجاهد: ({مَكَانًا سُوًى}: منصفًا بينهم). وقال قتادة: (نصفًا بيننا وبينك، أي عادلًا بيننا وبينك).

قلت: وأصل قوله {سُوًى} من الاستواء، كما قال ابن زيد: ({مَكَانًا سُوًى}: مكانًا مستويًا يتبين للناس ما فيه، لا يكونُ صُوَبٌ ولا شيءٌ فيغيب بعضُ ذلك عن بعض، مُسْتَوٍ حينَ يُرَى).

وقوله تعالى: {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}.

أي: في يوم عيدهم ذلك. قال ابن عباس: (فإنه يوم زينة يجتمع الناس إليه ويحشر الناس له).

وعن ابن جريج قال: (يوم زينة لهم، ويوم عيد لهم {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} إلى عيد لهم).

وقال السدي: ({يَوْمُ الزِّينَةِ} وذلك يوم عيد لهم). وقال ابن زيد: (يوم العيد، يوم يتفرَّغُ الناس من الأعمال، ويشهدون ويحضُرون ويرون). قال ابن كثير: ({ضُحًى} أي: ضَحْوَة من النهار ليكونَ أظهرَ وأجلَى وأَبْيَنَ وأوضحَ. وهكذا شأنُ الأنبياء، كُلُّ أمرهم واضحٌ بيِّنٌ، ليس فيه خَفاءٌ ولا ترويج. ولهذا لم يقل: ليلًا، ولكن نهارًا ضُحىً).

وقوله تعالى: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى} - فيه إشارة إلى انتفاض فرعون لمواجهة ما أشغله وأهمه، فشرع يجمع الكيد والسحر والسحرة الماهرين من جميع مدائن مملكته، ثم حضر بقوة سلطانه وأبّهته وكيده وسحرته.

وقوله تعالى: {قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}. أي: بادأهم موسى عليه الصلاة والسلام حين اجتمعوا بالتحذير من بطش الله إن عاندوا حججه وآياته سبحانه بالكذب والافتراء - يقول ذلك للسحرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>