وعن ابن عباس: ({فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} يقول: فيهلككم). وقال قتادة (فيستأصلكم بعذاب فيهلككم). وقال ابن زيد: (يهلككم هلاكًا ليس فيه بقية، قال: والذي يسحت ليس فيه بقية).
قلت: وأصل السحت في كلام العرب الاستئصال. قال الرازي: (أسحته: استأصله).
وقوله تعالى: {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى}.
قال قتادة: (قال السحرة بينهم: إن كان هذا ساحرًا فإنا سنغلبه، وإن كان من السماء فله أمر). وقال وهب بن منبه: (فترادّ السحرة بينهم، وقال بعضهم لبعض: ما هذا بقول ساحر).
أي: تشاجر السحرة فيما بينهم أن هذا ليس بكلام ساحر، إنما هذا كلام نبي، وتناجوا فيما بينهم.
وقوله تعالى: {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى}.
قال وهب بن منبه: (أشار بعضهم إلى بعض بتناج: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا}). وقال قتادة: (موسى وهارون صلى الله عليهما).
والمعنى: قال السحرة فيما بينهم: هذان الرجلان - يعنون موسى وهارون - فيما يبدو ساحران خبيران بصناعة السحر، فحذار أن يغلباكم اليوم ويستوليا على قلوب الناس ويستبدا بطريقة السحر لهما ينتفعان بها دونكم، بعدما كان لكم منها رزق وعيش ومكانة وصدارة. فإذا كان ذلك وانتصرا وتبعهما العامة قاتلا فرعون وجنوده فانتصرا عليه وأخرجاكم من أرضكم.
وعن ابن عباس: ({وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} يعني: مُلْكَهُم الذي هم فيه والعيش).
وعن مجاهد: ({وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} قال: أولي العقل والشرف والأنساب).
قال قتادة: (وطريقتهم المُثلى يومئذ كانت بنو إلصرائيل، وكانوا أكثر القوم عددًا وأموالًا وأولادًا. قال عدو الله: إنما يريدان أن يذهبا بهم لأنفسهما).
قلت: والمقصود أنهم خافوا على طريقتهم التي كانوا عليها من إتقانهم السحر