والمعنى: فإذا الحبال والعصي تتحرك وتضطرب وتميد بما أودعوها من الزئبق. قال النسفي:(رُوي أنهم لطخوها بالزئبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيلت ذلك).
أي: يخيّل للناظر أنها حيات تسعى باختيارها ويركب بعضها بعضًا حتى امتلأ منها الوادي.
قال القاسمي:(أي: أحس {فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} وذلك لما جُبِلَ عليه الإنسان من النفرة من الحيات. أو خاف من توهم الخلق المعارضة، بأن لهم من حبالهم وعصيهم حيات، كما أن له من عصاه حية). وقال ابن كثير:(أي: خاف على الناس أن يفْتَتِنُوا بسِحرهم ويَغْترّوا بهم قبل أن يلقي ما في يمينه، فأوحى الله تعالى إليه في الساعة الراهنة أن {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ}، يعني عصاه، فإذا هي تلقف ما صنعوا، وذلك أنها صارت ثعبانًا عظيمًا هائلًا ذا عيون وقوائمَ وعُنُق ورأس وأضراس، فجعلت تتبَعُ تلك الحبالَ والعصي حتى لم تُبقِ منها شيئًا إلا تَلَقَّفَتْهُ وابتلَعَتْهُ، والسحرةُ والناسُ ينظرون إلى ذلك عِيانًا جَهْرَةً، نَهَارًا ضحوةً. فقامت المعجزةُ، واتضح البرهان، ووقع الحق وبطل السِّحر، ولهذا قال تعالى:{إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}).