للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)}.

في هذه الآيات: استنفارُ فرعون لضبط سلطانه أمام زعزعة الحق لمكره وكيده، وتهديدُه السحرة بالقتل والتقطيع والصلب، وإيثار السحرة المؤمنين ما عند الله.

فقوله: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} - هو من كفر فرعون وعناده وكبره وغروره حين شعر بالهزيمة وانحسار السلطان. قال القرطبي: (إنكار منه عليهم، أي تعديتم وفعلتم ما لم آمركم به).

وقوله: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}. قال القاسمي: (أي فاتفقتم معه ليكون لكم الملك). وقال ابن كثير: (قال قولًا يعلم هو والسحرة والخلق كلهم أنه بَهْتٌ وكذِبٌ: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}، أي: أنتم إنما أخذتم السّحر عن موسى، واتَّفَقْتُم أنتم وإياه عليَّ وعلى رعيتي لتظهروه، كما قال في الآية الأخرى: {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٢٣]).

وقال القرطبي: ({إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}. أي رئيسكم في التعليم، وإنما غلبكم لأنه أحذق به منكم. وإنما أراد فرعون بقوله هذا ليشبه على الناس حتى لا يتبعوهم فيؤمنوا كإيمانهم، وإلا فقد علم فرعون أنهم لم يتعلموا من موسى، بل قد علموا السحر قبل قدوم موسى وولادته).

وقوله: {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}.

قال وهب بن منبه: (يقول: فلأقطعن أيديكم وأرجلكم مخالفًا بين قطع ذلك، وذلك أن يقطع يمنى اليدين ويسرى الرجلين، أو يسرى اليدين ويمنى الرجلين، فيكون ذلك قطعًا من خلاف).

قال ابن جرير: (وقوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} يقول: ولأصلبنكم على جذوع النخل).

قال السدي: (فقتلهم وقطعهم، كما قال عبد الله بن عباس بن قالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: ١٢٦]. وقال: كانوا في أول النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء).

<<  <  ج: ص:  >  >>