وقوله: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى}.
قال ابن جرير: (يقول: ولتعلمنّ أيها السحرة أيّنا أشدّ عذابًا لكم، وأدوم، أنا أو موسى).
وقال النسفي: ({وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا} أنا على ترك إيمانكم بي أو رب موسى على ترك الإيمان به. وقيل يريد نفسه لعنه الله وموسى صلوات الله وسلامه عليه بدليل قوله: {آمَنْتُمْ لَهُ}).
وقوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ}.
أي: لن نختارك على ما أكرمنا الله به من الهدى والإيمان بعظيم الحجج والبرهان.
وقوله: {وَالَّذِي فَطَرَنَا} يحتمل تأويلين عند المفسرين:
التأويل الأول: أن يكون معطوفًا على البينات. والتقدير: لن نختارك على ما جاءنا من الإيمان، ولا على فاطرنا وخالقنا الرحمان، فهو المستحق للعبادة وحده العزيز المنّان.
التأويل الثاني: أن يكون قسمًا، وجوابه لن نؤثرك مقدّم على القسم. والتقدير: والله الذي فطرنا لن نختارك على ما جاءنا من الحق والهدى والإيمان.
وقوله: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}. أي من القتل والصلب وألوان التعذيب. قال وهب بن منبه: (أي اصنع ما بدا لك).
وقوله: {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}. قال وهب: (أي ليس لك سلطان إلا فيها. ثم لا سلطان لك بعده).
وقوله: {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ}.
أي إنا أقررنا لربنا بتوحيده، وصدقنا بوعده ووعيده، ونحن نرجو بذلك أن يغفر لنا خطايانا وما تعلمناه من السحر وعلمناه، وتجرأنا به على مواجهة الحق ومعارضة آيات الله بإكراهك لنا على ذلك.
وقوله: {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}. قال ابن إسحاق: (خير منك ثوابًا، وأبقى عذابًا). وعن محمد بن كعب، ومحمد بن قيس في قول الله: {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} قالا: (خيرًا منك إنْ أُطِيع، وأبقى منك عذابًا إن عُصي).