للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمْرٍ كتبه الله عليَّ قبلَ أن يَخْلُقني؟ أوْ قَدَّرَهُ عليَّ قبل أن يخلقني؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فَحجَّ آدم موسى] (١).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [احتجَّ آدم وموسى عليهما السلام عند رَبِّهما، فحَجَّ آدمُ موسى، قال موسى: أنت آدمُ الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكتَهُ، وأسْكَنَكَ في جنَّتهِ، ثم أهْبَطْتَ الناس بخطيئتكَ إلى الأرض؟ قال آدم عليه السلام: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاكَ الألواح فيها تِبْيانُ كل شيءً، وقَرَّبَكَ نَجِيًّا، فبكم وجدتَ الله كتبَ التوراةَ قبِل أن أُخْلَقَ؟ قال موسى: بأربعين عامًا. قال آدم: فهل وجدت فيها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}. قال: نعم. قال: أفتلومني علًى أن عملتُ عملًا كتبهُ الله على أن أعْمَلَهُ، قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فحَجَّ آدمُ موسى] (٢).

وقوله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}.

قال ابن جرير: (يقول: اصطفاه ربه من بعد معصيته إياه فرزقه الرجوع إلى ما يرضى عنه، والعمل بطاعته، وذلك هو كانت توبته التي تابها عليه. وقوله {وَهَدَى} يقول: وهداه للتوبة، فوفَّقَهُ لها).

١٢٣ - ١٢٦. قوله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)}.

في هذه الآيات: هبوط آدم وحواء وإبليس إلى الأرض بأمر الله، وإرسال الله الرسل والأنبياء للبيان والهدى، وضمانه تعالى للمؤمنين السعادة في الدارين، وللمعرضين عن هديه وذكره الشقاء في الدارين.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٣٨) - كتاب التفسير، سورة طه، آية (١١٧). وأخرجه البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢)، وأحمد (٢/ ٢٤٨)، وبعض أهل السنن.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٦٥٢) ح (١٥) - كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>