للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاسِكُوهُ} أي شرعًا هم عاملون به مأمورون باتباع تفاصيله. وهذا متكرر في كل أمة مضت من الأمم، حتى ختم الله الرسالات ونسخ الشرائع بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- التي لا يُقبل اليوم غيرها.

وقوله: {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ}. قال الزجاج: (أي فلا يجادلنك). قال القرطبي: (أي لا ينازعنك أحد منهم فيما يشُرع لأمتك، فقد كانت الشرائع في كل عصر).

وقوله: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}.

أي: لا تلتفت -يا محمد- إلى جدال المشركين، وامض في دعوتك إلى التوحيد والدين الحق، فإنك أنت على الدين القويم الذي لا اعوجاج فيه.

وقوله تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ}. أي: إن جادلوك بالباطل فأعرض عن مماراتهم.

قال مجاهد: {وَإِنْ جَادَلُوكَ} قال: قول أهل الشرك: أما ما ذبح الله بيمينه {فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم).

والآية فيها تهديد ووعيد، فإن جدال الأنبياء والمرسلين ليس كجدال أحد من الناس.

وقوله تعالى: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.

قال النسفي: (هذا خطاب من الله للمؤمنين والكافرين، أي يفصل بينكم بالثواب والعقاب، ومسلاة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما كان يلقى منهم).

وقال القرطبي: (في هذه الآية أدبٌ حَسَن علّمه الله عبادَه في الرد على من جادل متَعنِّتًا ومِراء ألا يجاب ولا يُناظر ويُدفع بهذا القول الذي علّمه الله لنبيّه -صلى الله عليه وسلم-).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [يونس: ٤١].

٢ - وقال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى: ١٥].

٣ - وقال تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>