للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: (الذباب اسم واحد للذكر والأنثى، والجمع القليل أَذِبَّة والكثير ذِبّان).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [قال الله عزَّ وجلَّ: ومن أظلمُ مِمَّنْ ذهبَ يخلقُ كَخَلْقي؟ فليخلُقوا ذَرَّةً، أوْ لِيَخْلُقوا حَبَّةً أو شعيرة] (١).

وفي مسند الإمام أحمد بسند حسن في الشواهد عن أبي زُرْعة عن أبي هريرة -رفع الحديث- قال: [ومن أظلم مِمَّن خَلَقَ كخلقي! فَلْيَخْلُقُوا مثلَ خَلقي ذَرّة، أو ذُبابة، أو حَبَّة] (٢).

وقوله: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ}.

قال ابن كثير: (أي: هم عاجِزونَ عن خَلْقِ ذُبَابٍ واحدٍ، بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والانتصار منه، لو سَلَبَها شيئًا من الذي عليها من الطيب، ثم أرادت أن تستنقذه منه لما قدرت على ذلك. هذا والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها، ولهذا قال: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}).

وعن ابن عباس: ({ضَعُفَ الطَّالِبُ} قال: آلهتهم {وَالْمَطْلُوبُ}: الذباب).

أي عجز الطالب وهو الصنم أو الآلهة الباطلة أن تستنقذ من الذباب شيئًا سلبه، كالطيب وما أشبهه، فالذباب هو المطلوب، والصنم أو الوثن هو الطالب.

وقوله: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. قال ابن زيد: (حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب ولا يمتنع منه).

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. أي: هو القوي سبحانه الذي كل شيء دونه ضعيف فقير محتاج إلى عونه وقوته، وهو العزيز الذي قد عزَّ كلَّ شيء فقَهَرَهُ وغلبه، ولا يليق الكبر إلا به سبحانه.

أخرج الإمام أحمد بسند رجاله ثقات عن أبي هريرة مرفوعًا: [قال الله عز وجل:


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٥٥٩)، كتاب التوحيد، وكذلك (٥٩٥٣)، وأخرجه مسلم (٢١١١)، وابن حبان (٥٨٥٩)، وأخرجه البيهقي) (٧/ ٢٦٨).
(٢) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣٩١) ح (٨٨٣٩)، وسنده حسن في الشواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>