وقال النسفي: (أي اتبعوا ملة أبيكم، أو نصب على الاختصاص، أي: أعني بالدين ملة أبيكم).
وقوله: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} - فيه تأويلان محتملان:
١ - قال ابن عباس: (يقول: الله سماكم المسلمين من قبل). وقال مجاهد: (الله سماكم).
٢ - قال ابن زيد: ({هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}، يعني إبراهيم، وذلك لقوله: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: ١٢٨]).
واختار الأول ابن جرير رحمه الله، وإن كان التأويل الثاني سالكًا بإعادة الضمير إلى إبراهيم.
ويمكن أن يقال: الله تعالى سمانا المسلمين -كما جاء في النص الآتي من حديث الحارث الأشعري- وكذلك صدر ذلك في كلام ودعاء إبراهيم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وقوله: {وَفِي هَذَا} - يعني القرآن.
قال مجاهد: (الله سماكم المسلمين من قبل في الكتب المتقدمة، وفي الذكر).
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي والنسائي بسند صحبح من حديث الحارث الأشعري مرفوعًا: [ومن دعا بدعوةِ الجاهلية فهو مِنْ جُثاء جهنم، وإن صامَ وصلى وزعمَ أنه مسلم، فادعوا بدعوة اللهِ التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عبادَ الله] (١).
وفي رواية: [ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثاء جهنم. قالوا: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ فقال: وإن صلى وصام، وزعم أنه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائهم التي سمّاهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين، عباد الله].
وقوله: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.
قال مجاهد: ({مِنْ قَبْلُ} قال: في الكتب كلها والذكر {وَوَفِي هَذَا} يعني القرآن، وقوله: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} يقول تعالى ذكره اجتباكم الله وسماكم أيها المؤمنون بالله وآياته، من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- مسلمين، ليكون محمد
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٢٠٢)، والترمذي (٢٨٦٧)، (٢٨٦٨) في الأمثال، وأخرجه النسائي عِند تفسير هذه الآية، ورواه ابن حبان والحاكم. انظر فتح المجيد (٤٩٤ - ٤٩٥).