للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ}. قال القرطبي: (جميع المحامد إنما تجبُ له).

أي: فهو المحمود أولًا وآخرًا لكمال عدلهِ وحكمته جل ثناؤه.

وقوله: {وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. أي: لا حكم إلا له، والمرجع للفصل إنما هو بين يديه.

قال ابن جرير: (يقول: وله القضاء بين خلقه {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يقول: وإليه تردّون من بعدِ مماتكم، فيقضي بينكم بالحق).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام: ٥٧].

٢ - وقال تعالى: {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: ٤٦].

وفي صحيح سنن أبي داود والنسائي عن هانئ بن يزيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنَّ الله هو الحَكَمُ، وإليهِ الحُكْم] (١).

٧١ - ٧٣. قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣)}.

في هذه الآيات: امتنانُ الله تعالى على عبادهِ نعمة تقليب الليل والنهار وتعاقبهما، فإنه تعالى لو شاء استمرار الليل على عبادهِ دون انقطاع لوقع الضرر بمصالحهم، ولسئمت نفوسهم، ولأظلمت آمالهم. ولو شاء استمرار النهار عليهم دون انقطاع لحصل الضرر بأبدانهم، ولوقع المللُ والضجر من تتابع أشغالهم.


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤٩٥٥)، وكذلكَ النسائي. انظر صحيح سنن أبي داود -حديث رقم- (٤١٤٥)، وصحيح الجامع (١٨٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>