٢ - وعن سعيد عن ابن عباس:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ}. قال: الأمانة: الفرائض. قال: عرضت على آدم، فقال: خذها بما فيها، فإن أطعت غفرت لك، وإن عصيت عذّبتك، قال: قد قبلت، فما كان إلا قدر ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الخطيئة).
٣ - وعن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال:(الأمانة: الفرائض، عَرَضها الله على السماوات والأرض والجبال، إن أدوها أثابهم وإن ضيّعوها عذَّبهم الله. فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيمًا لدين الله ألا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها، وهو قوله تعالى:{وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، يعني: غِرًّا بأمر الله).
٤ - وقال العوفي عن ابن عباس:(يعني بالأمانة: الطاعة، عَرَضها عليهم قبل أن يعرِضَها على آدم فلم يُطقِنها. فقال لآدم: إني قد عرضتُ الأمانةَ على السماوات والأرض والجبال فلم يُطِقْنَها، فهل أنت آخذٌ بما فيها؟ قال: يا ربِّ، وما فيها؟ قال: إن أحسنتَ جُزيت، وإن أسأت عُوقِبْتَ. فأخذها آدمُ فتَحَمَّلها، فذلك قوله: . {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}).
٥ - وقال أبيُّ بن كعب:(من الأمانةِ أن المرأة اؤتمنَتْ على فَرْجِها).
٦ - وقال قتادة:(الأمانة الدين والفرائض والحدود).
٧ - وقال مالك، عن زيد بن أسلم قال:(الأمانة ثلاثةٌ: الصلاة، والصومُ، والاغتسال من الجنابة).
قلت: وجميع ما سبق من الأقوال يعضد بعضه بعضًا، ومفادها أن حمل هذا الدين بامتثال أوامره وتكاليفه واجتناب نواهيه أشفقت منه السماوات والأرض والجبال حين عُرض عليها، وقَبِل الإنسان حمله حين علم عظيم الثواب الذي يعقب ذلك الجهاد في حراسة الدين وإقامته في الأرض، ولكنه سرعان ما يظلم نفسه باتباع هواه وشيطانه ويدخل في متاهات الجهل وينسى ما كان أُعِدّ له مقابل الثبات على الحق والمجاهدة في حمل الأمانة.
أخرج أبو داود بسند حسن عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [خَمْسٌ مَنْ جاء بِهنَّ مع إيمانٍ دخل الجَنَّة، مَنْ حافظ على الصلوات الخمس على وُضوئهن وركوعهنَّ وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه