للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: ٧].

وقد أخرج ابن حبان في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه يبغض كل جعظري جَوَّاظ، سخّاب في الأسواق، جيفةٍ بالليل، حمارٍ بالنهار، عالمٍ بالدنيا، جاهلٍ بالآخرة] (١).

وعند الحاكم في تاريخه عن أبي هريرةَ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه تعالى يبغضُ كلَّ عالمٍ بالدنيا، جاهلٍ بالآخرة] (٢).

وفي مسند الإمام أحمد عن أُسامة بن زيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه تعالى يبغضُ الفاحِش المتفحِشّ] (٣).

وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.

فعن السدي: ({فَاطِرَ}: قال: خالق، وفي قوله: {عَالِمَ الْغَيْبِ} قال: ما غاب عن العباد فهو يعلمه {وَالشَّهَادَةِ} قال: ما عرف العباد وشهدوا فهو يعلمه).

قلت: وفيهِ أمر من اللَّه لنبيّه وتسلية لهُ إذ كذبه المشركون أن يلجأ إلى اللَّه سبحانهُ بالدعاء والابتهال والتضرع ليرد عنه كيد عدوّه في نحره ويكسر شوكتهُ ويذل كبرياءه وعناده. ولذلكَ كان يفتتح عليهِ الصلاة والسلام قيام الليل بهذا الدعاء العظيم.

فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أمّ المؤمنين بأي شيء كان نبيٌّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفتتح صلاتهُ إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: اللهم ربَّ جَبْرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطرَ السماوات والأرض عالمَ الغيب والشهادةِ أنتَ تحكم بين عبادكَ فيما كانوا فيه يختلفون. اهدِني لما اختلف فيهِ من الحق بإذنكَ إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم] (٤).


(١) حديث صحيح. رواه ابن حبان (١٩٥٧)، وأخرجه البيهقي (١٠/ ١٩٤). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٩٥). والجعظري: الفظ الغليظ المتكبر. والجواظ: الجموع المنوع. والسّخاب: الصّخاب، كثير الضجيج والخصام.
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم في "التاريخ"، والديلمي. انظر صحيح الجامع (١٨٧٥).
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد (٥/ ٢٠٢)، وصححه ابن حبان (١٩٧٤). وله شواهد.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٧٧٠)، كتاب صلاة المسافرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>