للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك تعليم العباد أن يلجؤوا إلى اللَّه تعالى بالصلاة والدعاء في الليل عند الاختلاف وأن يستعينوا بأسمائه الحسنى على إدراك الحق والفصل عند الخلاف.

وفي الأثر عن سعيد بن جبير قال: (إني لأعرف آية ما قرأها أحدٌ قط فسألَ اللَّهَ شيئًا إلا أعطاهُ إياه، قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}).

وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.

وهذه الآية مفسّرة بالآية التي في سورة يونس: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يونس: ٥٤]، وبالآية التي في سورة فاطر: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: ٣٦ - ٣٧].

وفي الصحيحين عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه تعالى يقول لأهون أهل النارِ عذابًا: لو أن لك ما في الأرضِ من شيء كنتَ تفتدي بهِ؟ قال: نعم، قال: فقد سألتكَ ما هوَ أهونُ من هذا وأنتَ في صلب آدم أن لا تشركَ بي شيئًا فأبيت إلا الشرك] (١).

ولذلكَ كان يحث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه على العمل الصالح والصدقة وما ينفعُ يوم الحساب حتى الكلمة الطيبة حتى لا يقعَ في الندامة حيث لا تنفعُ ولا تجدي وقد مضى زمن العمل.

فقد أخرج الترمذي بسند حسن عن عدي بن حاتم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يقي أحدُكم وجهَهُ حرَّ جَهنم ولو بتمرة، ولو بشِق تمرة، فإن أحدكم لاقِي اللَّه، وقائل له ما أقول لأحدكم: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أجعل لك مالًا وولدًا؟ فيقول: بلى، فيقول: أين ما قدمتَ لنفسك؟ فينظر قدامه وبعده، وعن يمينهِ وعن شماله، ثم لا يجد شيئًا يقي به وجهَه حرّ جهنم، لِيَقِ أحدُكم وَجْهَه النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة، فإني لا أخاف عليكم الفاقة، فإن اللَّه


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢/ ٣٣٣)، ومسلم (٨/ ١٣٤)، من حديث أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>