تُنْصَرُونَ} فلا ينصركم ناصر، ولا يمنعكم من بطشه مانع، ولا ينقذكم من بين يديهِ سبحانه منقذ.
وقوله:{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: المراد بأحسن ما أنزل هو القرآن.
والقرآن كله حسن، ولكن المعنى كما قال الحسن:(التزموا طاعته واجتنبوا معصيته). وقال السدي:(الأحسن ما أمر اللَّه به في كتابه). واختاره ابن جرير حيث قال:(واتبعوا أيها الناس ما أمركم به ربكم في تنزيله، واجتنبوا ما نهاكم فيه عنه، ذلكَ هو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا. قال: فإن قيل: ومن القرآن شيء أحسن من شيء؟ قيل له: القرآن كله حسن وليس المعنى كما توهمت. وإنما معناه: واتبعوا مما أنزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخَبر، والمثل والقصص والجدل والوعد والوعيد أحسنه، وأحسنه أن تأتمروا لأمره، وتنتهوا عما نهى عنه، لأن النهي مما أنزل في الكتاب، فلو عملوا بما نهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه، فذلكَ وجهه).
التأويل الثاني: المراد بأحسن ما أنزل هو المحكمات. قال ابن زيد:(يعني المحكمات، وَكِلُوا علم المتشابه إلى عالمه).
التأويل الثالث: المراد القرآن من بين الكتب السابقة. قال ابن زيد:(أنزل اللَّه كتبًا التوراة والإنجيل والزبور ثم أنزل القرآن وأمر باتباعه فهو الأحسن وهو المعجز). قال القرطبي:(وقيل: هذا أحسن لأنه ناسخ قاض على جميع الكتب، وجميع الكتب منسوخة).
التأويل الرابع: قيل المراد العفو إذا خُيِّرْتم بين العفو والقصاص. قال الشوكاني:(وقيل العفو دون الانتقام، بما يحق فيه الانتقام).
التأويل الخامس: قيل المراد بالأحسن أخبار الأمم الماضية فما أنزلها اللَّه إلا لتعتبروا بها فهي أحسن دليل على فهم سنن اللَّه في عباده، فإن في التاريخِ عبرة لمن أراد أن يعتبر.
التأويل السادس: قيل بل المراد الوحي دون غيره. قال القرطبي:(وقيل ما عنهم اللَّه النبي عليه السلام وليس بقرآن فهو حسن، وما أوحى إليهِ من القرآن فهو الأحسن).
قلت: وكلها معان متقاربة ويحتملها الإعجاز ويبانُ القرآن، والآية كقوله سبحانه:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} فإن القرآن خير كتاب على وجه الأرض وقد