للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخ ما أنزل قبلهُ من الكتب من التوراة والإنجيل والزبور، فهو الكتاب والمنهج إلى يوم القيامةِ، وفيه خير الأمر وخير الأخلاق وأرفعها، ففيه مقام الإحسان والعفو وَعِبَرُ الأمم الماضية، وفيه المحكمات من الآيات التي يُرجَع إليها عند الاختلاف في فهم المتشابهات فتبارك اللَّه منزل القرآن العظيم.

وقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}. المراد عذاب الدنيا يفجؤكم اللَّه به فيهددكم بالقتل والأسر والقهر والخوف والجدب والقحط ونقص المياه وموت الثمر، والفقر والأمراض، وعندئذ لا يغني حذر من قدر.

وقوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}.

قال السدي: (يا حسرتا: قال الندامة). والألف كناية المتكلم والمراد يا حسرتي. قال ابن جرير: (ولكن العرب تحول الياء في كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفًا فتقول: يا ويلتا ويا ندما فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء. قال: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ}: بمعنى لئلا تقول نفس يا حسرتا، وهو نظير قوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: ١٥]، بمعنى أن لا تميد بكم، فأن بهذا المعنى في موضع نصب). وقيل المراد: (من قبل).

قال الزمخشري: (فإن قلت لم نكّرت؟ قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر).

قال القرطبي: (ويجوز أن يريد نفسًا متميزة من الأنفس، إما بلجاج في الكفر شديد، أو بعقاب عظيم، ويجوز أن يراد التكثير).

وقوله: {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} فيه أقوال متقاربة:

الأول: المراد في أمر اللَّه. فعن مجاهد: ({يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} قال: يقول في أمر اللَّه). وقال السدي فيها: (تركت من أمر اللَّه).

الثاني: قيل بل المراد طاعة اللَّه. قال الحسن: (على ما فرطت: في طاعة اللَّه).

الثالث: قيل بل المراد ذكر اللَّه. قال الضحاك: (أي في ذكر اللَّه عز وجل. قال: يعني القرآن والعمل به).

الرابع: قيل بل المعنى ثواب اللَّه. قال أبو عبيدة: (في جنب اللَّه: أي في ثواب اللَّه).

<<  <  ج: ص:  >  >>