للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}.

قال ابن جرير: (اللَّه الذي له الألوهة من كل خلقه الذي لا تصلح العبادة إلا له، خالق كل شيء، لا ما لا يقدر على خلق شيء، وهو على كل شيء قيم بالحفظ والكلاءة).

وقوله: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. قال قتادة: (أي مفاتيح السماوات والأرض). وقال السدي: (خزائن السماوات والأرض). وقال ابن زيد: (المقاليد: المفاتيح. قال: له مفاتيح خزائن السماوات والأرض).

قال الرازي: (والإقليد بكسر الهمزة المِفْتاح. و"المِقْلَدُ" بوزن المِبْضَعُ مفتاحٌ كالمنجل والجمع المقاليد). أي عنده مفاتيح خزائن الخير والشر ينفق منها كيف يشاء ويقسم منها كيف يشاء. كما جاء في معجم الطبراني ومسند الطيالسي بسند حسن عن سهل بن سعد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [عند اللَّه خزائن الخَيْر والشر، مفاتيحُها الرجال، فطوبى لمن جعله اللَّه مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشر، وويل لمن جعله اللَّه مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير] (١).

وقيل: (خزائن السماوات المطر، وخزائن الأرض النبات). قلت: بل الآية أعم من ذلك وأشمل فخزائن الخير لا يحصيها إلا اللَّه الخالق الأحد.

وقوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}. فإن من جحدوا القرآن وما فيه من الأدلة والبراهين والحجج، وأنكروا النبوة والوحي، فهم في أشد الخسران وكامل الحرمان.

قال ابن جرير: (والذين كفروا بحجج اللَّه فكذبوا بها وأنكروها، أولئك هم المغبونون حظوظهم من خير السماوات التي بيده مفاتيحها، لأنهم حرموا ذلك كله في الآخرة بخلودهم في النار، وفي الدنيا بخذلانهم عن الإيمان باللَّه عز وجل).

وقوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}. أي: فمن هو المنعم غيره الذي يستحق العبادة والتعظيم، ومن هو الرازق غيره الذي يوصف بالكريم، ومن هو المتفضل والمدبر غيره الذي يوصف بالحكيم، ومن هو الجبار القهار غيره ينصر عباده المؤمنين ويوصف بالعلي القوي العظيم.


(١) حديث حسن. انظر تخريج "السنة" (٢٩٦)، وصحيح الجامع الصغير (٣٩٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>