مقطوع بعدمه. قال: فالجواب أنّ هذا الكلام وارد على سبيل الفرض. والمحالات يصح فرضها لأغراض. والمراد به تهييج الرسل وإقناط الكفرة والإيذان بغاية قبح الإشراك).
وقوله تعالى:{بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. لفظ الجلالة منصوب بما بعده وهو قوله {فَاعْبُدْ}. قال النسفي:(ردٌّ لما أمروه به من عبادة آلهتهم كأنه قال: لا تعبد ما أمروك بعبادته بل إن عبدت فاعبد اللَّه، قال: وكن من الشاكرِين على ما أنعم به عليك من أن جعلك سيد ولد آدم). وقال ابن عباس:(فاعبد: أي فَوَحِّد). وقيل بل المعنى (فأطع). {وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} قال الشوكاني: (لإنعامه عليك بما هداك إليه من التوحيد والدعاء إلى دينه واختصك به من الرسالة).
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي تميمة قال: شهدت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأتاه رجل فقال:[أنت رسول اللَّه، أو قال: أنت محمد؟ فقال: نعم. قال: فإلام تدعو؟ قال: أدعو إلى ربك الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك، والذي إن أضْلَلْتَ بأرض قَفْرٍ فدعوته رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك](١). ورواه أبو داود.
أما سبب نزول هذه الآية، فهو ما ذكره الإمام أحمد في مسنده ورجاله رجال الصحيح، والترمذي في جامعه، وابن خزيمة في صحيحه، وابن جرير في تفسيره عن علقمة بن عبد اللَّه قال: [جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم! أبلغك أن اللَّه عز وجل يحمل الخلائق على أصبع، والسماوات على أصبع، والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع، فضحك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، فأنزل اللَّه عز وجل {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}].
والحديث في الصحيح بلفظ (فتلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-). فقد أخرج البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، عند تفسير سورة الزمر، قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: [جاء حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمد، إنا نجد: أن اللَّه يجعل السماوات على إصْبَع، والأرضينَ على إصَبعٍ، والشجرَ على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائرَ الخلائِق على إصبع،
(١) حديث صحيح. رواه أحمد، وأبو داود (٤٠٨٤). انظر صحيح سنن أبي داود (٣٤٤٢).