شافِع، فأرفع رأسي فأجدُ موسى آخذًا بالعرش، فاللَّه أعلم أصَعِقَ بعدَ الصعقة الأولى أم لا؟ ).
السادس: قيل الاستثناء في قوله {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} يرجع إلى من مات قبل النفخة الأولى. قال القرطبي: (أي فيموت من في السماوات والأرض إلا من سبق موته، لأنهم كانوا قد ماتوا).
السابع: قيل عقارب أهل النار وحياتها. ذكره القرطبي أيضًا.
قلت: اللَّه أعلم ما يستثني عند كل نفخة ومن يُصعَق فيها، ولكن الثابت أن الناس سيموتون جميعًا في نهاية المطاف وأن أول من يرفع رأسه بعد الصعق نبينا عليه الصلاة والسلام وهو لا يدري حين يبصر موسى عليه السلام متعلقًا بقائمة العرش هل صُعِقَ أم استثنيَ من الصعق.
وقوله: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى}. قال السدي: (في الصور، وهي نفخة البعث).
وعن عكرمة: (في قوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} قال: الأولى من الدنيا، والأخيرة من الآخرة).
وقوله: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}. قال ابن جرير: (ذُكِرَ لنا أن معاذ بن جبل سأل نبيَّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كيف يُبْعَثُ المؤمنون يوم القيامة؟ قال: يبعثون جُرْدًا مُرْدًا مكحلين بني ثلاثين سنة).
قلت: وهذا ثابت في حديث الترمذي وسنده حسن عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أهل الجنة جُردٌ، مردٌ، كُحْلٌ، لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم] (١).
ورواه أحمد عن معاذ ولفظه: [يدخل أهل الجنة الجنة جردًا مردًا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين].
وأما نساء أهل الجنة فقد وصفهن اللَّه في سورة الواقعة: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا}. أي في سن واحدة، ليس فيهن العجائز والشّواب، بل كلهن شواب.
وعن السدي: ({فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}: قال حين يبعثون). أي ينظرون إلى البعث
(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي في السنن (٢٥٤٥) بإسناد حسن في الشواهد، وأخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢٩٥) وإسناده على شرط مسلم.