للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستويان فلا بد لكم من الجزاء. {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وعيد بتهديد وتوعُّد).

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ}. قال قتادة: (كفروا بالقرآن).

وقوله: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}. قال السدي: (عزيز من الشيطان). وقال قتادة: (أعزّه اللَّه لأنه كلامه وحفظه من الباطل).

وقوله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}. قال سعيد: (النكير من بين يديه ولا من خلفه). أي هو منيع الجانب لا يُرام أن يأتي أحدٌ بمثله وليس للبطلان إليه سبيل، فهو كلام رب العالمين الذي تخشع أمامه الجبال والبحار والأكوان.

وقوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. قال ابن كثير: (أي: حكيم في أقواله وأفعاله، حميد بمعنى محمود، أي: في جميع ما يأمرُ به وينهى عنه، الجميع محمودة عواقبُه وغاياته). وقال ابن جرير: (هو تنزيل من عند ذي حكمة بتدبير عباده، وصرفهم فيما فيهم مصالحهم، {حَمِيدٍ} يقول: محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم).

وقوله: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}. قال قتادة: (يعزي نبيَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما تسمعون يقول: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: ٥٢]).

وقال السدي: (ما يقولون إلا ما قد قال المشركون للرسل من قبلك).

وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ}. أي: إن ربك -يا محمد- لذو مغفرة للمنيبين إليه، المقبلين بالتوبة عليه، بالصفح عنهم والتجاوز عن عقوبتهم، ولكنه ذو عقاب مؤلم لمن أصَرَّ على كفره وذنبه واستكبر عن التذلل لربه.

وقوله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}.

قال سعيد بن جبير: (لو كان هذا القرآن أعجميًا لقالوا القرآن أعجمي، ومحمد عربيّ). وفي رواية: (قال: الرسول عربي، واللسان أعجمي). وعن مجاهد: ({لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} يقول: بُيِّنت آياته، {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} نحن قوم عرب مالنا وللعُجْمة).

والمقصود: محاصرة عناد مشركي قريش بقوارع حجج الوحي البالغة، فإن القرآن مع بلاغته وفصاحته وانكسارهم أمام روعة بيانه لم يؤمن به المشركون، فأثبت اللَّه تعالى في هذه الآية أن كفرهم بهذا القرآن إنما هو كفر عناد وتعنت. فإنه لو نزل بلغة العجم لأسرعوا القول هلا أنزل مفصلًا بلغة العرب كي نفهمه؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>