في هذه الآيات: ضياعُ مَنْ أضَلَّه اللَّه ولم يوفقه للهداية، وشقاءُ الكفار عند رؤية نار جهنم يوم القيامة، والخاسرون الذين خسروا أنفسهم وأهليهم وحُرموا الشفاعة والنصرة من اللَّه والولاية.
فقوله:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ}. قال ابن جرير:(يقول: ومن خذله اللَّه عن الرشاد، فليس له من ولي يليه، فيهديه لسبيل الصواب، ويسدده من بعد إضلال اللَّه إياه).
قال السدي:(يقول: إلى الدنيا). أي: وترى الكافرين باللَّه يا محمد يوم القيامة لما عاينوا عذاب اللَّه المحدق بهم يطلبون من ربهم أن يُرَدُّوا إلى الدنيا ليعملوا بطاعة اللَّه فلا يجابون إلى طلبهم.
وقوله:{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ}. قال السدي:({خَاشِعِينَ}: خاضعين من الذل). وقال ابن زيد:(قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم وخشعوا له).
وقوله:{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}. قال ابن عباس:(يعني بالخفي الذليل). وقال:(بطرف ذابل ذليل). وقال قتادة:(يسارقون النظر من شدة الخوف). قال ابن جرير:(ينظرون إلى النار من طرف ذليل، وصفه اللَّه جل ثناؤه بالخفاء للذلة التي قد ركبتهم، حتى كادت أعينهم أن تغور، فتذهب). وقيل: أي يفزعون أن ينظروا إليها بجميع أبصارهم لما يرون من أصناف العذاب.
وقوله:{وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. قال السدي:(غبنوا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة). قال القرطبي:(أي يقول المؤمنون في الجنة لما عاينوا ما حَلَّ بالكفار: إن الخسران في الحقيقة ما صار إليه هؤلاء، فإنهم خسروا أنفسهم لأنهم في العذاب المخلّد، وخسروا أهليهم لأن الأهل إن كانوا في النار فلا انتفاع بهم، وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينه وبينهم).
وقوله:{أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}. أي دائم سرمدي لا يحول ولا يزول.