في هذه الآيات: أمْرُ اللَّه تعالى عباده المسارعة بالاستجابة له قبل مجيء يوم الأهوال فلا ملجأ ولا نصير، وفرحُ الإنسان بالنعمة فإن مسّه الشر فيؤوس كفور.
فقوله:{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}. تحذير بعد تصوير، وأمر بالاستعداد ليوم القيامة بعد ذِكْرِ ما فيه من الأهوال على الكافرين والتعسير. قال ابن كثير:({مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}، أي: إذا أمر بكونه فإنه كَلَمْحِ البَصَر يكون، وليس له دافع ولا مانع).
وقوله:{مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}. وقال مجاهد:({مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ}: من مَحْرَز). أي: تلجؤون إليه. وعن السدي:({وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} يقول: من عزّ تعتزون). وقال مجاهد:(ناصر ينصركم). والمعنى: ما لكم من حِصْن يومئد تتحصّنون فيه، ولا مكان يستركم وتتنكّرون فيه، فتغيبون عن بَصَرِهِ -تبارك وتعالى-. أو ما لكم من قدرة على إنكار شيء مما اقترفتموه ودُوِّنَ في صحائفكم.
وقوله:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}. أي: فإن أعرض هؤلاء المشركون -يا محمد- عن الحق الذي معك فدعهم، فلم نرسلك رقيبًا عليهم تحفظ أعمالهم وتحصيها، بل عليك بلاغ الرسالة.
وقوله {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ}. أي: فإنا إذا أغنينا الإنسان بسعة وعافية ورخاء ونعمة سُرَّ بالغنى وما أعطيناه من العافية وكثرة المال، وإن أصابتهم فاقة وفقر وضيق عيش أو مرض