للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمن يشاء إناثًا لا ذكور معهنّ، ويهب لمن يشاء ذكورًا لا إناث معهم).

وقوله: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا}. قال مجاهد: (يخلط بينهم، يقول: التزويج: أن تلد المرأة غلامًا، ثم تلد جارية، ثم تلد غلامًا، ثم تلد جارية). وقال ابن زيد: (أو يجعل في الواحد ذكرًا وأنثى توأمًا). قال القتبيّ: (التزويج هاهنا هو الجمع بين البنين والبنات، تقول العرب: زوّجت إبلي إذا جمعت بين الكبار والصغار).

وقوله: {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}. قال قتادة: (لا يولد له). وقال ابن عباس: (يقول: لا يُلقِح). وأصل العقم في لغة العرب القطع، يقال: مُلْك عقيم: أي تقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق خوفًا على الملك. وريح عقيم: أي لا تلقح سحابًا ولا شجرًا. قال الرازي: (ويوم القيامة يومٌ عقيم لأنه لا يومَ بعدَه).

قال البَغَويُّ: ({يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا}: ومنهم لوط -عليه السلام- {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}: كإبراهيم الخليل -عليه السلام- لم يولد له أنثى. {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا}: كمحمد -عليه الصلاة والسلام- {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}: كيحيى وعيسى عليهما السلام).

وقوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}. أي: إنه تعالى {عَلِيمٌ} بما يناسب أحوال عباده في حياتهم أو ابتلائهم، {قَدِيرٌ}: على إحداث هذا التفاوت في طبيعة النسل الذي رزقهم، بل هو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير.

٥١ - ٥٣. قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣)}.

في هذه الآيات: تأكيدُ أمر الوحي للَّه العظيم، وامتنانُه تعالى بالكتاب والإيمان على رسوله الكريم، وإثباتهُ تعالى أمر الهداية له والبلاع لنبيه يدعو العباد إلى الصراط المستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>