حُرِمَ الخيرَ كُلَّه. ولا يُحْرَمُ خَيْرها إلا مَحْرومٌ] (١).
وقوله:{إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}. قال ابن كثير:(أي: مُعلِمين الناسَ ما ينفَعُهم ويضُرُّهم شرعًا، لِتَقومَ حُجّة اللَّه على عباده).
وقوله تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}. أي: يُفْصَل في هذه الليلة من اللوح المحفوظ كل أمر محكم لا يتبدل ولا يتغيّر، فينزل إلى الكَتَبةِ ما سيكون في السَّنة من الآجال والأرزاق والأحوال الهامة.
قال ربيعة بن كلثوم: قال رجل للحسن وأنا أسمع: أرأيت ليلة القدر، أفي كل رمضان هي؟ قال:(نعم واللَّه الذي لا إله إلا هو، إنها لفي كل رمضان، وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم، يقضي اللَّه كلَّ أجل وخلق ورزق إلى مثلها). وفي رواية:(فيها يقضي اللَّه كل أجل وأمل ورزق إلى مثلها).
وعن عمر مولى غفرة قال:(يقال: ينسخ لملك الموت من يموت ليلة القدر إلى مثلها، وذلك لأن اللَّه عز وجل يقول:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} وقال: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} قال: فتجد الرجل ينكح النساء وبغرس الغرس واسمه في الأموات).
وعن مجاهد:(قوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}. قال: في ليلة القدر كلّ أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت، يقدر فيها المعايش والمصائب كلها).
وقوله:{أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا}. أي: كل ما يكون وَيُقَدَّر تلك الليلة فبإذن اللَّه وعلمه. قال ابن عيسى:(هو ما قضاه اللَّه في الليلة المباركة من أحوال عباده). وقوله:{أَمْرًا} في محل نصب حال، أو في محل نصب على الاخنصاص.
وقوله:{إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}. قال القاسمي:(أي مرسلين إلى الناس رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آيات اللَّه ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، رحمة منه تعالى بهم، لمسيس الحاجة إليه).
وقوله:{رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}. أي: إنما أرسل اللَّه الرسل رحمة بالعباد لاستقامة أمور دنياهم وأخراهم. وقوله:{رَحْمَةً} في محل نصب حال. وقيل: مفعول لأجله، أي: أرسلناه للرحمة.
(١) حسن صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (١٦٤٤) - كتاب الصيام. باب ما جاء في فضل شهر رمضان. انظر صحيح سنن ابن ماجة (١٣٣٣).