في هذه الآيات: التقريع على منكري البعث قصة الخلق لهذه السماوات الكبيرة والأرض الواسعة الفسيحة، فإن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس واللَّه على كل شئ قدير. والتصوير لمشهد الخزي والهوان للكفار أمام جهنم. والتسلية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بِحَثِّه على الصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.
فقوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}. قال القرطبي:(الرؤية هنا بمعنى العلم. ومعنى {وَلَمْ يَعْيَ} -لم- يَعْجِز ويَضْعف عن إبداعهن).
أي: أو لم يعلم هؤلاء الذين ينكرون بعث الأجساد يوم القيامة خلق السماوات والأرض دون لغوب ولا ممانعة. كما قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق: ٣٨]. وكقوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[غافر: ٥٧].
وقوله:{بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} - {بَلَى}: جواب للنفي. قال ابن جرير:(بلى يقدر الذي خلق السماوات والأرض على إحياء الموتى. . . . لأن من عجز عن ذلك فضعيف فلا ينبغي أن يكون إلهًا من كان عما أراد ضعيفًا).
أي: ذَكِّرهم يا محمد يوم يعرض المكذبون بالبعث على النار فيشرفون عليها وقد دنت منهم ويقال لهم توبيخًا وتقريعًا: أليس هذا العذاب هو الذي كذبتم به في الدنيا؟ فيجيبون من فورهم: بلى وربنا.