للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُنسب إلى عليّ رضي اللَّه عنه من الشعر:

الناس من جهة التمثيل أكفاء ... أبوهم آدمُ والأمُّ حوّاء

نفس كنفس وأرواحٌ مشاكلةٌ ... وأعظمٌ خلقت فيهم وأعضاء

فإن يكن لهمُ من أصلهم حسبٌ ... يفاخرون به فالطين والماء

ما الفضل إلا لأهل العلم إنّهم ... على الهُدى من استهدى أدِلّاء

وقَدْرُ كلِّ امرئ ما كان يحسنه ... وللرجال على الأفعال سيماء

وضدُّ كل امرئ ما كان يجهله ... والجاهلون لأهل العلم أعداء

وقوله: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. أي: لينسب الرجل إلى أبيه وأمه وقومه، فلا تختلط الأنساب. قال ابن عباس: (الشعوب الجمهور، مثل مضر. والقبائل الأفخاذ). وقال مجاهد: (الشعوب البعيد من النسب، والقبائل دون ذلك). وقيل: الشعب أكبر من القبيلة، ثم الفصيلة، ثم العِمارة، ثم البطن، ثم الفَخِذ. وسميت الشعوب لأن القبائل تشعبت منها، فالشعب يجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل، خزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصي بطن، وهاشم فخذ، والعباس فصيلة.

قال ابن جرير: ({وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}: وجعلناكم متناسبين، فبعضكم يناسب بعضًا نسبًا بعيدًا، وبعضكم يناسب بعضًا نسبًا قريبًا. ليعرف بعضكم بعضًا في قرب القرابة منه وبعده، لا لفضيلة لبهم في ذلك، وقربة تقربكم إلى اللَّه، بل كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أي أشدكم اتقاء له وخشية بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، لا أعظمكم بيتًا، ولا أكثركم عشيرة).

وقال النسفي: ({لِتَعَارَفُوا} أي إنما رتبكم على شعوب وقبائل ليعرف بعضكم نسبَ بعض). قال مجاهد: (جعلنا هذا لتعارفوا، فلان بن فلان من كذا وكذا).

قلت: ومعرفة الأنساب تفيد في صلة الأرحام، وهي محبة في الأهل ومثراة في المال. فقد أخرج الترمذي ورجاله ثقات عن أبيِ هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [تَعَلَّموا من أنسابكم ما تَصلون به أرحامَكُم، فإنَّ صِلةَ الرحم مَحَبَّةٌ في الأهل، مَثْراةٌ في المال، مَنْسَأةٌ في الأثَر] (١).


(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (١٩٧٩)، والحاكم (٤/ ١٦١)، وأحمد (٢/ ٣٧٤) وله شواهد كثيرة. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>