للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله شاهد عند أبي داود الطيالسي في "مسنده" قال: حدثنا إسحاق بن سعيد قال: حدثني أبي قال: [كنت عند ابن عباس، فأتاه رجل فسأله: من أنت؟ قال: فَمَتَّ له برحم بعيدة، فألان له القول، فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اعرفوا أنسابكم، تصلوا أرحامكم، فإنه لا قرب بالرحم إذا قطعت، وإن كانت قريبة، ولا بعد لها إذا وصلت، وإن كانت بعيدة] (١).

ورواه البخاري في "الأدب المفرد" بنحوه وزاد: [وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها، تشهد له بصلة إن كان وصلها، وعليه بقطيعة إن كان قطعها].

وقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. أَصْلٌ في ميزان التفاضل بين الناس. والمقصود: إنما تفاضلكم أيها الناس عند اللَّه بالتقوى لا بالأحساب والأنساب.

وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك:

الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنّ اللَّه لا ينظر إلى صُوركم وأموالكم، ولكِنْ ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم] (٢).

وفي لفظ: [إن اللَّه لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صُوركم، ولكن يَنْظُرُ إلى قلوبكم]. وفي لفظ: (التقوى هاهنا) -ويشير إلى صدره- ثلاث مرِار.

الحديث الثاني: أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: [سُئِل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيُّ الناس أكرم؟ قال: أكرمُهم عند اللَّه أتقاهم. قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فأكرم الناس يوسف نبيُّ اللَّه، ابنُ نبيِّ اللَّه، ابن نبي اللَّه، ابن خليلِ اللَّه. قالوا: ليس عن هذا نسألك؟ . قال: فعَنْ معادنِ العرب تسألوني؟ قالوا: نعم! قال: فخياركُم في الجاهلية خياركُم في الإسلام إذا فَقِهُوا] (٣).

الحديث الثالث: أخرج الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوامٌ يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحْمُ جَهَنَّمَ، أوْ ليكونُنَّ أهونَ على اللَّه من الجُعَلِ الذي يُدَهْدِهُ الخِراءَ بأنْفِه. إنَ اللَّه أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفَخْرَها


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٢٧٥٧)، وأخرجه الحاكم (٤/ ١٦١) وهو على شرط مسلم. وانظر: "الأدب المفرد" للبخاري (٧٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٥٦٤) ح (٣٤) - كتاب البر والصلة. وكذلك ح (٣٣). باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٣٣٥٣) - كتاب أحاديث الأنبياء. وكذلك (٣٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>