للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر وغنته الجرادتان، ثم خرج يريد جبال مهرة فقال: اللهم إني لم آتك لمريض فأداويه، ولا لأسير فأفاديه، فاسق عبدك ما كنت مسقيه، واسق معه بكر بن معاوية -يشكر له الخمر الذي سقاه- فرفع له سحابات فقيل له: اختر إحداهن، فاختار السوداء منهن، فقيل له: خذها رمادًا رمددًا، لا تذر من عاد أحدًا، وذكر أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا قدر هذه الحلقة -يعني حلقة الخاتم- ثم قرأ: {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}] (١).

وقوله: {وَفِي ثَمُودَ}. أي: وكذلك فقد تركنا في قصة ثمود عبرة وآية من يستفيد من الذكرى والآيات والعبر. {إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ} أي: عيشوا متمتعين بالدنيا إلى وقت الهلاك الذي ضرب عليكم وهو ثلاثة أيام كما في سورة هود: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: ٦٥]، فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بُكرة النهار.

وقوله: {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ}. أي: استكبروا عن امتثاله. قال مجاهد: ("فعتوا": عَلَوْا). وقال ابن زيد: (العاتي: العاصي التارك لأمر اللَّه).

وقوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}. أي: العذاب. قال الحسن بن واقد: (كلّ صاعقة في القرآن فهو العذاب). قال النسفي: (وكل عذاب مهلك صاعقة).

وقوله: {وَهُمْ يَنْظُرُونَ}. أي إليها، فإنها نزلت بهم نهارًا.

وقوله: {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ}. أي من نهوض. قال قتادة: (يقول: ما استطاع القوم نهوضًا لعقوبة اللَّه تبارك وتعالى).

وقوله: {وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ}. أي ممتنعين من العذاب. قال قتادة: (ما كانت عندهم من قوة يمتنعون بها من اللَّه عز وجل).

وقوله: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ} فيه تأويلان:

التأويل الأول: أي وفي قوم نوح كذلك عبرة وآية. وهذا منسجم مع قراءة حمزة والكسائي وأبي عمرو: "وقومِ نوحٍ" بالكسر.

التأويل الثاني: أي وأهلكنا قوم نوح كذلك حين طغوا من قبل. وهذا منسجم مع قراءة أكثر القراء بالنصب: "وقومَ نوح".


(١) حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦١١) - كتاب التفسير - سورة الذاريات، آية (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>