في هذه الآيات: تنبيه اللَّه تعالى عباده لقدرته العجيبة في الخلق لعلهم يتذكرون، فإن المرجع إليه والحساب بين يديه وإنما الرسول نذير مبين، والشرك أعظم الذنوب عند اللَّه لو كانوا يعلمون.
فقوله:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}. قال ابن عباس:(بقوة). أي رفعناها وجعلناها سقفًا محفوظًا بقوة.
وقوله:{وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}. قال ابن جرير:(-أي-: لذو سعة بخلقها وخلق ما شئنا أن نخلقه وقدرة عليه). وقال ابن زيد:(أوسعها جل جلاله).
وقد قرّر علم الفلك الحديث بأن السماء لازالت في اتساع دائم، سواء في تكوين مدن نجومية جديدة باستمرار، أو في تباعد هذه المدن النجومية باستمرار.
وقوله:{وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا}. أي: بسطناها وجعلناها فراشًا للمخلوقات ليتمتعوا بها.
وقوله:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}. قال ابن كثير:(أي: جميع المخلوقات أزواج: سماءٌ وأرضٌ، وليلٌ ونهارٌ، وشمسٌ وقمرٌ، وبرٌّ وبحرٌ، وضياءٌ وظلامٌ، وإيمانٌ وكفرٌ، وموتٌ وحياةٌ، وشقاءٌ وسعادةٌ، وجنةٌ ونارٌ، حتى الحيوانات والنباتات). وقال القرطبي:({وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} لتعلموا أنّ خالق الأزواج فرد، فلا يقدّر في صفته حركة ولا سكون، ولا ضياء ولا ظلام، ولا قعود ولا قيام، ولا ابتداء ولا انتهاء، إذ هو عز وجل وتر {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]).