للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تُوالوا أعدائي وأعداءكم، وقد أخرجوكم من ديارِكم وأموالِكم حَنَقًا عليكم، وسُخْطًا لدينكم).

وقوله: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ}. قال النسفي: (المعنى: أي طائل لكم في إسراركم، وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي وأنا مطلع رسولي على ما تسرون).

وقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}. أي: ومن يفعل ذلك الإسرار إلى الكفار أو المكاتبة لإطلاعهم على أسرار المسلمين فقد أخطأ طريق الحق والصواب، وجار عن قصد الطريق.

وفي التنزيل نحو ذلك من آيات الولاء والبراء:

أ- قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١].

٢ - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٧].

٣ - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: ١٤٤].

ومن صحيح السنة العطرة في آفاق ذلك:

قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: [حدثنا أبي حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى رضي اللَّه تعالى عنه قال: قلت لعمر رضي اللَّه عنه: إن لي كاتبًا نصرانيًا. قال: مالك؟ قاتلك اللَّه. أما سمعت اللَّه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} الآية. ألا اتخذت حنيفيًا؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذ أهانهم اللَّه، ولا أعزّهم إذ أذلّهم اللَّه، ولا أدنيهم إذ أقصاهم اللَّه].

ورواه البيهقي ولفظه: [لا تؤمنوهم وقد خونهم اللَّه، ولا تقربوهم وقد أبعدهم اللَّه، ولا تُعِزُّوهم وقد أذلهم اللَّه] (١).

وقوله: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ}. أي: يلقوكم ويظفروا بكم ويتمكنوا منكم. وفي لغة


(١) حديث حسن. أخرجه البيهقي (١٠/ ١٢٧)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (٨/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>