العرب: ثقِف فلان فلانًا: أي صادفه، فهو من المثاقفة.
وقوله:{يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً}. أي يكونوا لكم حربًا. {وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ}. أي بالضرب والقتل وأنواع الأذى. {وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} أي بالشتم والسبّ وفاحش القول.
وقوله:{وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}. أي: وتمنوا لو ترتدون عن دينكم، فهم يريدون أن يلحق بكم مضار الدنيا والدين من قتل الأنفس وتمزيق الأعراض وردكم كفارًا بمحمد وهذا القرآن. وهذا تهييج لكم على عداوتهم. قال النسفي:(وردكم كفارًا أسبق المضار عندهم وأولها، لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم لأنكم بذّالون لها دونه، والعدو أهم شيء عنده أن يقصد أهم شيء عند صاحبه).
وقوله:{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. قال القرطبي:(لما اعتذر حاطب بأن له أولادًا وأرحامًا فيما بينهم، بَيَّن الربّ عزَّ وجلَّ أن الأهل والأولاد لا ينفعون شيئًا يوم القيامة إنْ عُصِي من أجل ذلك).
وقوله:{يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ}. أي يحكم بينكم ويقضي لكل بما يستحقه يوم القيامة، فيدخل المؤمنين الجنة ويدخل الكافرين النار {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
في هذه الآيات: ذِكْرُ اللَّه تعالى المثل الأعلى للمؤمنين في الولاء للمسلمين والبراء من الكافرين، إنه إبراهيم عليه السلام ومن كان معه على الحق المبين.
أخرج الحاكم على شرط الشيخين عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: [في قوله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} نزل في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش