للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فطلق عمرُ يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاويةُ بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية] (١).

ويبدو أن سبب نزول هذه الآيات قدوم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة فيمن هاجر، فجاء أهلها يسألون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرجعها إليهم، فأبى -عليه الصلاة والسلام- لِما نزلَ من القرآن فيهن، فكان يختبرهن فإن كان الإسلام أخرجهن استبقاهن ودفع مهورهن لأزواجهن، في حين كان لا يدفع ذلك قبل الصلح ونزول هذه الآيات.

فقد أخرج البخاري وأحمد عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة رضي اللَّه عنهما يخبران عن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لا يأتيك منا أحدٌ وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخَليت بيننا وبينه، فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه، وأبى سهيل إلا ذلك، فكاتبه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك، فردَّ يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا ردّه في تلك المدّة وإن كان مسلمًا. وجاء المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما نزل فيهن: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} إلى قوله: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}] (٢).

فإلى فهم الآيات كما جاء في التفاسير:

يروي ابن جرير بإسناده إلى أبي نصر الأسديّ، قال: (سُئِل ابن عباس: كيف كان امتحان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- النساء؟ قال: كان يمتحنهنّ باللَّه ما خرجت من بغض زوج، وباللَّه ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وباللَّه ما خرجت التماس دنيا، وباللَّه ما خرجت إلا حبًا للَّه ورسوله). وفي رواية: قال ابن عباس: (كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله).

وعن مجاهد: (قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} قال: سلوهن ما جاء بهن؟ فإن كان جاء بهن


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٢٧٣١)، (٢٧٣٢) - كتاب الشروط.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (٤١٨٠)، (٤١٨١) - كتاب المغازي. وكذلك (٢٧١١)، (٢٧١٢) - كتاب الشروط.

<<  <  ج: ص:  >  >>