للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غضب على أزواجهن، أو سخطة، أو غيره، ولم يُؤمِنَّ، فارجعوهنّ إلى أزواجهنّ).

وقال قتادة: (كانت محنتهنّ أن يستحلفن باللَّه ما أخرجكنّ النشوز، وما أخرجكن إلا حبّ الإسلام وأهله، وحِرْصٌ عليه، فإذا قُلْنَ ذلك قُبِلَ ذلك منهن).

وقال عكرمة: (يقال لها: ما جاء بك إلا حبّ اللَّه، ولا جاء بك عشق رجل منا، ولا فرارأ من زوجك، فذلك قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ}).

وقال ابن زيد: (كانت المرأة من المشركين إذا غضبت على زوجها، وكان بينه وبينها كلام، قالت: واللَّه لأهاجرنّ إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، فقال اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إن كان الغضب أتى بها فردّوها، وإن كان الإسلام أتى بها فلا تردّوها).

قال ابن اسحاق: (فحدثني الزُّهري، عن عُروة بن الزبير، قال: دخلتُ عليه وهو يكتب كتابًا إلى ابن أبي هنيدة، صاحب الوليد بن عبد الملك، وكتب إليه يسأله عن قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} إلى قوله: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} قال: فكتب إليه عروة بن الزُّبير: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان صالح قُريشًا يوم الحُديبية على أن يردّ عليهم من جاء بغير إذن وليِّه، فلما هاجر النساء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإلى الإسلام، أبى اللَّه أن يُرْدَدْنَ إلى المشركين إذا هنّ امتُحنَ بمحنة الإسلام، فعرفوا أنهنّ إنما جِئْنَ رغبة في الإسلام، وأمَرَ بردّ صَدُقاتهن إليهم إن احْتبَسْنَ عنهم، إن هم ردّوا على المسلمين صداقَ من حُبِسوا عنهم من نسائهم، ذلكم حكم اللَّه يحكم بينكم، واللَّه عليم حكيم. فأمسك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- النساء وردَّ الرجال، وسأل الذي أمره اللَّه به أن يسأل من صدُقات نساء من حُبِسوا منهنّ، وأن يردوا عليهم مثل الذي يردّون عليهم، إن هم فعلوا، ولولا الذي حكم اللَّه به من هذا الحكم لردّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- النساء كما ردّ الرجال، ولولا الهُدْنة والعَهْد الذي كان بينه وبين قُريش يوم الحديبية لأمسك النساء، ولم يَرْدُدْ لهن صداقًا، وكذلك كان يصْنَع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد) (١).

وقوله: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا}. أي: ادفعوا إلى أزواج المهاجرات منَ المشركين ما غرموه عليهن من الأصدِقة. قاله ابن عباس وقتادة. قلت: وهذا من الوفاء بالعهد، لا يُجمع على الرجل خسران الزوجة والمال.

وقوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}. أي: إذا آتيتموهن


(١) انظر: سيرة ابن هشام (٣/ ٣٢٦) من مرسل عروة. وانظر كتابي: السيرة النبوية (٢/ ١٠٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>