ذهبت زوجته من العقب الذي بأيديكم، وهو ما كان من صَداق نساء الكفار اللواتي آمنّ والذي أَمَرَ اللَّه برده إلى أزواجهم المشركين. فإن لم يتيسر ذلك فمن الغنائم التي تؤخذ من أيدي الكفار.
وقوله:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ}. أي: واحذروا -أيها المؤمنون باللَّه- أن تتعدوا ما أمرتم به، فهذا مِن امتحان الصدق في الإيمان.
في هذه الآية: مبايعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإسلام، وذِكْرُ بنود هذه البيعة التي خَلَّدها اللَّه عبر الزمان.
أخرج البخاري في صحيحه عن عروة: [أن عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبرته أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} -إلى قوله- {غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرَّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (قد بايعتك) كلامًا، (وفي رواية: يكلمها به) ولا واللَّه ما مست يده يد امرأة في المبايعة قط، ما يبايعهن إلا بقوله:(قد بايعتك على ذلك)] (١).
وفي لفظ الترمذي، قالت عائشة: [ما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمتحن إلا بالآية التي قال اللَّه:{إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية. قال معمر: فأخبرني ابن طاووس عن أبيه قال: ما مست يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يد امرأة إلا امرأة يملكها].
وفي جامع الترمذي وموطأ مالك ومسند أحمد بسند صحيح عن أميمة بنت رُقَيقة قالت: [أتيتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في نِساءٍ لِنُبايِعَه، فأخذ علينا ما في القرآن: ألا نُشْرِكَ باللَّه
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٢٧١٣) - كتاب الشروط. وكذلك (٤٨٩١) نحوه. وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٣٤).