للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢]. ثم إن الزنى ينافي عقد الإيمان، بل لا يستقر الإيمان ساعة وقوع الفاحشة في القلب وإنما يخرج منه.

أخرج أبو داود والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأمسه كالظُّلة، فإذا أقلع رجعَ إليه] (١).

وفي لفظ: [فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان].

وأخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عائشة قالت: [جاءت فاطمةُ بنتُ عُتبة تُبايع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذ عليها: {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ. . .}. . الآية، قال: فوضعت يدَها على رأسِها حياءً، فأعجبه ما رأى منها، فقالت عائشة: أَقِرِّي أيتها المرأة، فواللَّه ما بايعنا إلا على هذا. قالت: فنعم إذن، فبايعها بالآية] (٢).

وقوله: {وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ}. أي لا يئدن المَوْؤودات ولا يُسقطن الأجنة. ذكره القرطبي. قال ابن كثير: ({وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ}: وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعم قَتْلَه وهو جَنينٌ، كما قد يفعلُه بعض الجهلة من النساء، تطرحُ نفسها لئلا تحبل إمَّا لِغَرض فاسدٍ أو ما أشبهه).

وقوله: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}. قال ابن عباس: (يقول: لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم). قال النسفي: (كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك، كنّى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبًا، لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين، وفرجها الذي تلده به بين الرجلين).

وقوله: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}. قال البخاري: قال ابن عباس: (إنما هو شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّه للنساء). أي: ولا يخالفن أمرك إليهن مما أمرتهنّ به من معروف، ونهيتهن عنه من منكر. قال ميمون بن مهران: (لم يجعل اللَّه لنبيه طاعة إلا لمعروف، والمعروف طاعة). قلت: وقد جاء النهي للنساء في السنة الصحيحة عن معاص كثيرة تخصّهن: فقد أخرج أبو داود والبيهقي بسند صحيح عن امرأة من المبايعات قالت: [كان فيما أخذ علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه: وأن


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٦٩٠)، والحاكم (١/ ٢٢)، وانظر السلسلة الصحيحة (٥٠٩).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٦/ ١٥١)، وإسناده على شرط البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>