للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نخمش وجهًا، ولا ندعو ويلًا، ولا نشق جيبًا، وأن لا ننشر شعرًا] (١).

وفي الصحيحين من حديث أبي بردة بن أبي موسى قال: [وَجع أبو موسى وجعًا فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا بريءٌ ممن برئ منه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة] (٢).

والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند الفجيعة بالموت. والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة هي التي تشق جيبها عند ذلك.

وقد أخرج الشيخان من حديث ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ليس منا من لطمَ الخدود، وشقّ الجيوبَ، ودعا بدعوى الجاهلية] (٣).

وفِي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [لَعَنَ اللَّه الواصِلَةَ والمستوصِلَةَ، والواشِمة والمستوشِمة] (٤).

وفي جامع الترمذي بسند حسن عن أم سلمةَ الأنصارية قالت: [قالت امرأة من النسوة، ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ قال: "لا تَنُحْنَ". قلت: يا رسول اللَّه إن بني فلان، قد أسعدوني على عمي (٥)، ولابد لي من قضائهم، فأبى عليَّ فعاتبته مرارًا، فأذن لي في قضائهن، فلم أنح بعد قضائهن ولا على غيره حتى الساعة، ولم يبق من النسوة امرأة إلا وقد ناحت غيري] (٦).

قال عبد بن حميد: أم سلمة الأنصارية هي: أسماء بنت يزيد بن السكن.

قلت: وهذه البيعة تشتمل على منهاج النجاة للعبد في الدارين، ولذلك ورد تكرارها كثيرًا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجال والنساء في مواضع مختلفة من السيرة العطرة. وفي ذلك أحاديث، منها:


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢/ ٥٩)، ومن طريقه البيهقي (٤/ ٦٤) بسند صحيح.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣/ ١٢٩)، ومسلم (١/ ٧٠)، والنسائي (١/ ٢٦٣)، وأخرجه البيهقي (٤/ ٦٤)، من حديث أبي بردة بن أبي موسى.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣/ ١٢٧ - ١٢٨)، ومسلم (١/ ٧٠)، والبيهقي (٤/ ٦٣ - ٦٤).
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٥٩٣٣) - كتاب اللباس، باب وصل الشعر.
(٥) أي ناحوا معي عند موت عمي مواساة منهم.
(٦) حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٣٥)، وصحيح سنن ابن ماجة (١٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>