للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - ١٣. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣)}.

في هذه الآيات: بيانُ أفضل أنواع التجارة، إنه الإيمان والجهاد لنيل رضوان اللَّه والمغفرة، ونصره -تعالى- في الدنيا والفوز في الآخرة.

فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. أي: تخلصكم من عذاب موجع في نار جهنم. قال قتادة: (فلولا أن اللَّه بَيَّنها، ودلَّ عليها المؤمنين، لتلهف عليها رجال أن يكونوا يعلمونها، حتى يضنوا بها، وقد دلكم اللَّه عليها، وأعلمكم إياها فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. قال: الحمد للَّه الذي بَيَّنها).

وقد تقدم حَديث الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن سلام قال: [تذاكرنا: أيّكم يأتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَيَسْألَهُ: أيّ الأعمال أحبّ إلى اللَّه؟ فلم يقم أحدٌ منا، فأرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلينا رجلًا، فجمعنا، فقرأ علينا هذه السورة، يعني سورة الصف كلها] (١).

ومن ضمن هذه السورة هذه الدعوة إلى هذه الصفقة العظيمة من التجارة الرابحة: الإيمان والجهاد. فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي إيمانًا يقينيًا لا يشوبه أدنى شك. فناداهم بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ثم دعاهم إلى الصدق في هذا الإيمان حتى تحصل النجاة ويكون الظفر بالصفقة الكبيرة. وهو كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء: ١٣٦].

ثم عطف على الإيمان الجهاد في سبيل اللَّه بالأموال والأنفس. قال القرطبي: (ذكر الأموال أولًا لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق).

وقوله: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. قال القاسمي: (أي من أهل العلم. أو أنه خير). والمقصود: هذه التجارة التي ذكرت لكم في صدق الإيمان وفي الجهاد ببذل


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٥/ ٤٥٢) وإسناده صحيح، رجاله رجال البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>