للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حائِضٌ، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لِيُراجِعْها"، فرَدّها، وقال: "إذا طَهُرت فَليُطَلِّقْ أو لِيُمْسِكْ".

قال ابن عمر: وقرأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}] (١).

ورواه أبو داود وفيه: [وقرأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} في قُبُلِ، عدتهن].

وعن ابن عباس: ({فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} قال: لا يُطَلِّقها وهي حائضٌ ولا في طُهرٍ قد جامعها فيه، ولكن: يتركُها حتى إذا حاضت وطَهُرت طلَّقَها تطليقةً). وقال عكرمة: ({فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، العِدّة: الطهر، والقُرْء الحَيضة، أن يُطَلِّقها حُبْلى مستبينًا حَمْلُها، ولا يُطَلِّقها وقد طاف عليها، ولا يدري حُبْلى هي أم لا).

قال ابن كثير: (ومن هاهنا أخذ الفقهاء أحكامَ الطلاق وقَسَّموه إلى طلاق سُنَّة وطلاق بِدْعَة، فطلاقُ السنة أن يُطلِّقها طاهرًا من غير جِماع، أو حامِلًا قد استبان حَملُها، والبِدْعي: هو أن يُطَلِّقها في حال الحيض، أو في طهر قد جامعها فيه، ولا يدري أحَمَلت أم لا؟ وطلاق ثالثٌ لا سُنّة فيه ولا بِدعة، وهو طلاقُ الصغيرة والآيِسة، وغير المدخول بها).

وقوله: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}. قال السدي: (احفظوا العدة). وقال النسفي: (اضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات كوامل لا نقصان فيهن، وخوطب الأزواج لغفلة النساء). والمقصود من ذلك: ضبط أول العدة ونهايتها لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج.

وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ}. أي وخافوا ربكم أيها الناس في ضبط تلك العدة واحذروا معصيته في أي أمر أو حدّ من حدود شرعه.

وقوله: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ}. قال ابن عباس: (هي المطلقة لا تخرج من بيتها، ما دام لزوجها عليها رجعة، وكانت في عدة). فلها حق السكنى أثناء عدتها، وليس لزوجها أن يخرجها كما ليس لها أن تخرج لأنها معتقلة لحق زوجها.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٧١) ح (١٤) - كتاب الطلاق. وأخرجه أبو داود (٢١٨٥)، والنسائي (٦/ ١٣٩)، وأحمد (٢/ ٨٠ - ٨١)، والشافعي (٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>