وقوله:{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. قال مجاهد:(إلا أن يزنين)، وقال الحسن:(الزنى، فتخرج ليقام عليها الحد). وقال قتادة:(إلا أن يطلقها على نشوز، فلها أن تحول من بيت زوجها). وقال ابن عباس:(والفاحشة: هي المعصية). وقال:(الفاحشة المبينة أن تبذُوَ على أهلها).
والخلاصة من أقوال المفسرين في ذلك: لا يُخْرَجْنَ من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة وهي: أ- الزنا. ب- إذا نشَزَت المرأة أو بَذَتْ على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفِعال.
وقوله:{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} أي: شرائعه ومحارمه وما حَدّ لخلقه من الأحكام.
وقوله:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}. قال الضحاك:(يقول: تلك طاعة اللَّه فلا تعتدوها. من كان على غير هذه فقد ظلم نفسه). وقال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: ومن يتجاوز حدود اللَّه التي حدّها لخلقه فقد ظلم نفسه، يقول: فقد أكسب نفسه وزرًا، فصار بذلك لها ظالمًا، وعليها متعدّيًا).
وقوله:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}. قال قتادة:(أي مراجعة). قال:(هذا في مراجعة الرجل امرأته). وقال مقاتل:({بَعْدَ ذَلِكَ} أي بعد طلقة أو طلقتين {أَمْرًا} أي المراجعة من غير خلاف). قال القرطبي:(الأمر الذي يحدثه اللَّه أن يُقَلِّبَ قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه، فيراجعها).
ومن هنا ذهب الإمام أحمد وطائفة من السلف إلى أن المبتوتة لا تجب لها السكنى ولا النفقة، وقد صحّ بذلك الخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:
فقد أخرج النسائي في "الكبرى" والطبراني في "الأوسط" بسند حسن عن عامر الشعبي: [أنه دخل على فاطمة بنتِ قيس أُختِ الضّحاك بن قيس القُرَشي، وزوجها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، فقالت: إن أبا عمرو بن حفص أرسل إليَّ وهو مُنطلقٌ في جيش إلى اليمنِ بِطَلاقي، فسألتُ أولياءَه النفقة عليَّ والسكنى، فقالوا: ما أرسل إلينا في ذلك شيئًا، ولا أوصانا به، فانطلقتُ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقُلت: يا رسول اللَّه! إنَّ أبا عَمْرو بن حفص أرسلَ إليَّ بِطَلاقي، فطلبتُ السكنى والنفقة علي، فقال أولياؤه: لم يُرسِل إلينا في ذلك بشيءٍ. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنما السكنَى