في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى الرجال بالإحسان للزوجات في الإمساك أو الفراق، وبيانُ جائزة التقوى والحث على صدق التوكل على اللَّه ففي ذلك الفلاح والسباق.
فقوله:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}. أي المعتدات، إذا قاربن انقضاء العدة. قال ابن جرير:({أَجَلَهُنَّ} وذلك حين قرب انقضاء عددهن).
وقوله:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}. قال الضحاك:(يقول: فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي العدّة بإمساك بمعروف، والمعروف أن تحسن صحبتها {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والتسريح بإحسان: أن يدعها حتى تمضي عدتها، ويعطيها مهرًا إن كان لها عليه إذا طلقها). وقال ابن كثير:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}: أي محسنًا إليها في صحبتها، وإما أن يعزم على مفارقتها {بِمَعْرُوفٍ} أي: من غير مُقَابحةٍ ولا مُشاتمةٍ ولا تعنيف، بل يُطَلِّقها على وَجه جَميل وسبيل حسن).
وقوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. هو على الندب لا على الوجوب، سواء في الطلاق أو الرجعة، كقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢]. وهو مذهب أبي حنيفة.
قلت: وإنما يتأكد في حق مَنْ عُرِف بالاستهتار في هذه الأمور وعدم المبالاة.
قال القرطبي: (وفائدة الإشهاد ألا يقع بينهما التجاحد، وألا يُتَّهَمَ في إمساكها،
(١) حديث حسن. أخرجه النسائي في "الكبرى" (٥٥٩٦)، والطبراني في "الأوسط" (١١٦٤)، وإسناده حسن، وللحديث طرق وشواهد كثيرة.