للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفقةُ للمرأة إذا كان لزوجها عليه رَجْعَةٌ، فإذا كانت لا تحِلّ له حتى تَنكِحَ زوجًا غيره فلا نفقة لها ولا سكنى] (١).

٢ - ٣. قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)}.

في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى الرجال بالإحسان للزوجات في الإمساك أو الفراق، وبيانُ جائزة التقوى والحث على صدق التوكل على اللَّه ففي ذلك الفلاح والسباق.

فقوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}. أي المعتدات، إذا قاربن انقضاء العدة. قال ابن جرير: ({أَجَلَهُنَّ} وذلك حين قرب انقضاء عددهن).

وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}. قال الضحاك: (يقول: فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي العدّة بإمساك بمعروف، والمعروف أن تحسن صحبتها {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والتسريح بإحسان: أن يدعها حتى تمضي عدتها، ويعطيها مهرًا إن كان لها عليه إذا طلقها). وقال ابن كثير: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}: أي محسنًا إليها في صحبتها، وإما أن يعزم على مفارقتها {بِمَعْرُوفٍ} أي: من غير مُقَابحةٍ ولا مُشاتمةٍ ولا تعنيف، بل يُطَلِّقها على وَجه جَميل وسبيل حسن).

وقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. هو على الندب لا على الوجوب، سواء في الطلاق أو الرجعة، كقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢]. وهو مذهب أبي حنيفة.

قلت: وإنما يتأكد في حق مَنْ عُرِف بالاستهتار في هذه الأمور وعدم المبالاة.

قال القرطبي: (وفائدة الإشهاد ألا يقع بينهما التجاحد، وألا يُتَّهَمَ في إمساكها،


(١) حديث حسن. أخرجه النسائي في "الكبرى" (٥٥٩٦)، والطبراني في "الأوسط" (١١٦٤)، وإسناده حسن، وللحديث طرق وشواهد كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>