في هذه الآية: تفضيل الله تعالى بعض الرسل على بعض، واقتتال الناس واختلافهم على حطام الدنيا، والحكمة التامة لله في كل أمر وخلق.
فقوله:{تِلْكَ الرُّسُلُ}.
يعني: الرسل الذين قصّ الله خبرهم في هذه السورة.
قال مجاهد في هذه الآية:(يقول: منهم من كلّم الله، ورفع بعضهم على بعض درجات. يقول: كلم الله موسى، وأرسل محمدًا إلى الناس كافة).
وفي صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:[أُعطيتُ خَمْسًا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبلي: نُصرت بالرُّعْب مسيرةَ شهرٍ، وجُعلِتْ لِيَ الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجُلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصَلِّ، وأُحِلَّتْ لِي الغنائم ولم تحلَّ لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعَثُ إلى قومه خاصةً وبُعِثْتُ إلى الناس عامَّة](١).
وأما قوله عليه السلام:[لا تفضلوني على الأنبياء]، وفي لفظ:[لا تُفَضِّلوا بين الأنبياء].
وهو بتمامه في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: [استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال اليهودي في قَسم يقسمه: لا والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده فلطم بها وجه اليهودي، فقال: أي خبيثُ، وعلى محمد - صلى الله عليه وسلم -! فجاء اليهودي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشتكى على المسلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تفضلوني على الأنبياء، فإن الناس يُصْعَقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق،
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٣٥) كتاب التيمّم. وانظر (٤٣٨)، ورواه مسلم (٥٢١).